لقد منَّ الله علينا بكثيرٍ من النعم، التي لا تعد، ولا تحصى، ومن هذه النعم البكاء، الذي هو بمثابة راحة إلى النفس، ومواساة للمكلوم، نتناول مواقف أبكت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فالنبي الكريم كغيره من البشر، يحزن، ويتأثر لبعض المواقف التي رقَّ لها قلبه، وفاضت لها عيناه بدموعه الغالية العفيفة.
مواقف أبكت رسول الله
ليس بالضروره أن يكون سبب البكاء هو الحزن فقط، فقد بكى النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – في مواقف عدة، منها ما هو مناجاة لله – سبحانه وتعالى – ومنها ما هو للرحمة، الشفقة، الفرح، خلال السطور القادمة نتناول بعض المواقف التي بكى فيها الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم -.
المناجاة لله – سبحانه وتعالى –
ذات يومٍ من الأيام، وقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – بين يدي الله – تبارك وتعالى – يناجيه، ويعظمه، ويوقره، فصلى النبي – صلوات ربي وتسليماته عليه – وفاضت عيناه بالدموع، وكان أحد الصحابة حاضرًا لهذا الموقف، فقال: رأيت الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، وكان ذلك أحد مواقف أبكت رسول الله – صلوات ربي وتسليماته عليه -.
التضرع والشكر لله – جل علاه –
ثمة مواقف أبكت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تجدر الإشارة إلى موقفٍ منها، يشهد على بكاء النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – حيث قام في ليلةٍ ما، يصلي لله – عزّ وجل – شكرًا له وحمدًا على ما منَّ عليه من النعم، فبدأ الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم – في الصلاة، وفي أثناء تأديته للصلاة بكى أحر البكاء، حتى إبتلت لحيته، ثم واصل صلاته، وبكى ثانيةً حتى إبتلَّ حجره، ثم واصل صلاته، وبكى الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم – حتى إبتلت الأرض.
وفي تلك الأثناء، دخل بلال على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – ليأخذ إذنه للصلاة، فلما رأى النبي على تلك الحال، آخذًا في بكائه بلا هوادة، تعجب، وقال له: ” يا حبيب الله، أتبكي وقد غفر الله – سبحانه وتعالى – لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فرد عليه النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – وقال: ” أفلا أكون عبدًا شكورًا ؟! ” وكان هذا الموقف في إطار بكاء النبي محمد شكرًا لله على نعمه الكثيرة، التي لا عد، ولا حصر لها.
أهوال يوم القيامة
من المواقف الجميلة، التي شهدت بكاء سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – والتي تدل على حبه الشديد، وحرصه على أمته ومصالحها، بكاء الحبيب المصطفى في جنازة أحد الصحابة، إذ وقف – عليه أفضل الصلاة والسلام – عند طرف القبر، وأجهش بالبكاء، فسُئِل عن سبب بكائه، فقال – صلى الله عليه وسلم -: ” يا إخواني، لمثل هذا فأعدوا ” ويدل ذلك على الحرص الشديد على أمته، وخوفه عليهم من أهوال يوم القيامة.
إقرأ أيضاً: بوستات وعبارات دفاع وحب عن سيدنا محمد رسول الله 2021
سماع القرآن الكريم
من بين مواقف أبكت رسول الله قد كان الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – من أكثر الناس، وأشدهم تأثرًا بالقرآن الكريم، كما كان إذا سمع القرآن إمتلأت عيناه بالدموع، فذات يوم أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – سيدنا علي بن أبي طالب – كرم الله وجه – أن يقرأ عليه آياتٍ من القرآن الكريم، فلما قرأ سيدنا علي بن أبي طالب بعض الآيات من سورة النساء، ووصل إلى قوله – تبارك وتعالى -: ” فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا ” أجهش الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – بالبكاء، وفاضت عيناه الشريفة بالدموع.
يوم بدر
في يوم غزوة بدر، جلس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تحت شجرةٍ؛ لتأدية الصلاة، فبكى خوفًا من أن تلحق بالمسلمين هزيمة منكرة، فيحدث أن يقضى على المؤمنين على يد أعدائهم.
بكى النبي – صلى الله عليه وسلم – في غضون هذه الغزوة مرةً أخرى عندما عاتبه الله – سبحانه وتعالى -؛ لأنه قبل الفداء باالأسرى، فقال الله – عزّ وجل -: ” ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم “.
الموت
بكى النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما تُوفي إبنه إبراهيم، وقال: ” إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون “.
كما قام أشرف الخلق أجمعين – صلوات ربي وتسليماته عليه – بزيارة قبر والدته، فبكى بكاءً شديدًا، وأجهش بالبكاء، ثم قال: ” زوروا قبوركم فإنها تذكر بالموت “.
إقرأ أيضاً: أسئلة وأجوبة عن حياة الرسول محمد ومسيرة دعوته
تناولنا خلال هذا الموضوع مواقف أبكت رسول الله – عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليمات – إذ كان الرحمة المهداة، رقيق القلب، رغم أن رب العزة – تبارك وتعالى – قد غفر إليه كافة ما تقدم من ذنوبه، وما هو متأخر منها، وعلى الرغم من ذلك، فقد كان أحرص الناس على عبادة الله – جل علاه -.
شـاهد أيضاً..