الهندسة المعمارية
العمارة أو الهندسة المعمارية تعبير مختلف لشيء واحد، ربما يفرق بعض المختصين في هذا المجال بين العمارة والهندسة المعمارية فيطلقون اسم العمارة على هذا التخصص باعتباره فناً، ويطلق آخرون عليه اسم الهندسة المعمارية معتبرين إياه تخصصا رياضياتياً وهندسياً، والحقيقة أن هذا المجال فن ورياضيات وهندسة وعلم اجتماع وأدب… من هذا المنطلق سنجاوبك إن كنت مهندساً معمارياً وتبحث عن سؤال ” كيف تصبح مهندس معماري ناجح ومميز..؟”
كيف تصبح مهندس معماري ناجح ومتميز؟
هنالك عوامل تساعد المهندس المعماري على التألق والنجاح وتكوين سيرة ذاتية ومهنية رائعة كمهندس معماري، تعرف على هذه العوامل:
حب العمارة، البداية للتميز فيها:
على الطالب الراغب في أن يصبح معمارياً مميزاً، أن يسأل نفسه قبل كل شيء، هل حقيقة أحب العمارة؟ ولماذا أريد أن أكون معمارياً؟
فحب المجال الذي ستتخصص فيه يمنح لك دفعة معنوية كبيرة جداً للنجاح، فكل شيء يحصل في العقل.
عليك أن تمتلك نظرة نبيلة وغاية نافعة. تميَّز في العمارة لتخدم الإنسانية، لتساعد العالم ولتعمِّر هذه الأرض.
إن امتلاك الضّمير لا يقل أهمية عما سبق، يقول فرانسوا رابليه: «الحكمة لا تدخل نفساً شريرة، والعلم بلا ضمير ليس سوى هلاك للنفس، عليك أن تحب، أن تخدم، وأن تخشى الله»، فالعلم وحده لا يكفي، فالأطباء الذين يسرقون الأعضاء، والسياسيون الفاسدون، والمهندسون السارقون، كل هؤلاء لديهم علم بدون أي ضمير.
اختر كلية ذات كفاءة عالية:
من أراد أن يتعلم فلا بد له من “معلم”، وعلى قدر نضج المعلم يكون الطالب ناضجاً.
إن أشهر المعماريين يدرّسون في أكبر الكليات والمدارس، فلا بد للطالب أن يختار وجهته بعناية، واضعا نصب عينيه جودة العلم الذي سيتلقاه من تلك الوجهة، كما لا يغفل عن أمر مهم جدا وهو القيام بالتربصات التطبيقية التي ستمنحه نظرة شاملة عن حقيقة العمل الذي سيقوم به في المستقبل،
كما سيسمح له ذلك بالجمع بين النظري الذي سيحصل عليه من الجامعة أو المدرسة بالتطبيقي الذي سيحصل عليه من خلال التربص بالمكاتب أو المؤسسات المعمارية.
مطالعة الكتب، خاصة عن تاريخ العمارة:
من أهم النصائح في ” كيف تصبح مهندس معماري ناجح ومتميز ” هو أن تواصل المطالعة..
إياك أن تسقط في فخ سقط فيه الكثير من الطلبة ولم يخرجوا منه حتى بعد أن أصبحوا معماريين،
عليك أن تطالع تاريخ العمارة وأن تعرف كل الطرز المعمارية السابقة، لا تتعصب لأي طراز ولا لأي تيار أو حركة، كن منفتحاً على الجميع.
ستجد من خلال مطالعتك أن أشهر المعماريين ينقسمون إلى قسمين: قسم يحاول ربط كل شيء بالماضي، وقسم يدعو إلى نسيان الماضي وإيجاد بناء جديد لا يرتكز عليه، كثير من الطلبة تجدهم يتأثرون بأحد التيارين فيكون في أنفسهم شيء ضد التيار الآخر، فلا يحاول التعرف عليه بل يرد عليه ويقلل من قيمته وهذا خطأ كبير!
فالعمارة يكمل بعضها بعضاً ولكل وجهة نظره، رغم أن الحاضر والمستقبل لا شك أنه يُبنى على الماضي ودراسة التاريخ بشكل عام وتاريخ العمارة بشكل خاص نافع، يقول محمد بن إبراهيم الأكفاني: «وكتب التواريخ ينتفع بها في الإطلاع على أخبار الملوك والعلماء والأعيان وحوادث الحدثان في الماضي من الزمان، وفي ذلك ترويح للخاطر وعبر لأولي الأبصار».
تهيأ للتحديات:
إعلم أن الدراسة في أقسام الهندسة المعمارية يتطلب منك جهوداً كبيرة جداً، وتفرغا تاماً للدراسة، فأنت ستكون مجبرا على الدراسة في الجامعة نهاراً وقضاء الليالي في الرسم وإعداد البحوث،
فرغم أن العالم قد تقدم والتكنولوجيا أفرزت لنا برامج للرسم والتصميم متطورة جداً، إلا أن أكثر الأقسام المعمارية ما زالت تجبر الطلبة على الرسم باليد وإعداد البحوث المكتوبة باليد أيضاً فالأمر شاق جداً ولكن ليس مستحيلا.
أما بعد التخرج فمهنة المعماري مهنة التحديات فالمعماري لا يسير على خط واضح وعمل بَيِّن، بل في كل مرة تظهر له عوائق إذ هو يعمل في الميدان، يقول “رينزو بيانو” المعماري الشهير عندما سأله أحد الصحفيين: «أنا أشاركك الرأي في أنه مع بداية كل صباح جديد ينتظر المعماري تحدٍ جديد، لأنه لا يكرر عمله كما يفعل الخباز، ولكن الاثنين تجمعهما أرضية مشتركة كالفخر بالعمل، والسعادة بإيجاد مهنة، وأهم من ذلك الواقعية وملامسة احتياج الناس».
إقرأ أيضاً: أجمل 10 مشاريع للمهندس المعماري رينزو بيانو
إحذر الفكر الاستئصالي، الطبيعة خط أحمر:
مع النمو السكاني الحاصل في العالم، والحاجة الماسة للبناء يفكر بعض المعماريين بطريقة استئصالية، أي استئصال الطبيعة ليحل محلها المدينة، فتأثرت البيئة بذلك والمناخ، لقد لجأ بعض المعماريين إلى اختراع الأسطح الخضراء كوسيلة حتمية للتخفيف من آثار ذلك الاستئصال، لذا فالواجب التفكير مسبقاً قبل حدوث هذا، فالعلم المسبق بضرورة الحفاظ على الطبيعة ودراستها وفهم كيفية التعامل معها أمر مهم جدا،
يقول “رهيف فياض” متكلماً عن الثقافة المعمارية التي يجب أن ينشأ عليها المعماري المثقف: «كما تدرك أيضا ضرورة التكامل بين العمارة والمكان والمشهد الطبيعي فيه. كما تحرص على الحفاظ على التراث الوطني المبني والطبيعي، وعلى الثورات الطبيعية والموارد المتوفرة، بما يساعد في تأمين نمو مستدام، وعمارة تدوم».
إقرأ أيضاً: أيها المعماري… تحرر من الأغلال
انشر العلم ولا تكن أنانياً:
عندما تصبح مميزاً مشهوراً فهنا تظهر لك مسؤولية عظيمة جداً ستكون على عاتقك، عليك بالعمل على نشر علمك مع خبرتك وتجربتك التي إكتسبتها خدمة للأجيال القادمة، فها هو كتاب “الكتب العشرة في العمارة” “لفيتريفيوس” الذي عاش قبل الميلاد ما زال مصدراً من أهم مصادر الهندسة المعمارية في العالم، وقد تناولها معماريون متأخرون بالدراسة والتحليل فهذا ليوناردو دافنشي كان له اهتمام كبير جداً ببعض دراسات فيتروفيوس، ومن جاء بعد دافنتشي اهتم بدراساته وهكذا.
كل سابق ينفع اللاحق وهذا الأخير يأخذ يصحح وينقح ويضيف ليأتي من بَعدِه من يفعل مثل ذلك، وهكذا يستفيد الجميع.
كانت تلك أهم عوامل لإجابة تساؤلكم ” كيف تصبح مهندس معماري ناجح ومميز جداً أيضاً “، نتمنى منكم تطبيقها ونتمنى لكم النجاح والتوفيق..
المصادر:
[1]جهاد علي سالم بني بكر، موسوعة نور الحكمة، ص.160.[1]
[2]محمد بن عبد الرحمن السخاوي، الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التأريخ، ص.54.
[3]هشام جريشة، الإبداع الإنشائي إبداع منطقي، ص.49.
[4]رهيف فياض، من العمارة إلى المدينة، ص.313.
شـاهد أيضاً..