أغلى لوحة في العالم
لقد سمعتم ورأيتم كيف اشترى ولي العهد السعودي محمد إبن سلمان لوحة “سالفادور مندي” ( مخلّص العالم ) للفنان ليوناردو دافنشي، بمبلغ 450 مليون دولار، وهو أعلى مبلغ يُدفع لقاء لوحة في التاريخ.
وقالت الصحيفة “وول ستريت جورنال” إن مصادر في أجهزة الاستخبارات الأمريكية أكدت أن “إبن سلمان” هو الذي اشترى اللوحة.
ومن المنتظر أن تعرض اللوحة في متحف اللوفر في أبو ظبي. لوحة أثارت جدلاً كبيراً خاصة في الأوساط العربية الناقدة للمشتري، وسنناقش في هذه المقالة قصة لوحة مخلّص العالم ومن هو راسمها..؟
من هو ليوناردو دافنشي؟
ولد “ليوناردو دافنشي” عام 1452م في “فينشي” في مدينة صغيرة بالقرب من فلورنسا بإقليم توسكانا في إيطاليا.
وبعد أن أصبح عمره خمس سنوات تنقل للعيش عند أبيه الذي تزوج بامرأة أخرى غير أمه، ثم التحق بالمدرسة ليبدأ في تعلم الحساب والهندسة واللغة وهو في سن السادسة.
موهبة وحياة دافنشي الفنية…
بدأت رحلته في تعلم الرسم وهو صغير عندما التحق بمرسم “أندريا دل فروكيو” الرسام والنحات الإيطالي الذي سيتتلمذ على يديه ليوناردو دافنشي.
وقد تعرف في نفس الوقت على رسامين آخرين تبادل معهما المعارف والخبرات مما عزز تطور قدراته الفنية.
إستطاع “ليوناردو دافنشي” جلب الاهتمام والأنظار إليه من خلال أعماله التي أبرزت موهبته في هذا المجال. وكانت أول لوحة قام برسمها (لوحة العذراء في الجليد)، لتتوالى بعدها مجموعة كبيرة من اللوحات نالت شهرة كبيرة جداً.
نالت رسمه “الموناليزا” إعجاب الناس إذ دار حول ابتسامتها الغامضة الجدل، وشغلت المعجبين بحيث غطت على الغموض الفعلي في الطريقة الفنية التي تم بها رسمها، ويعتقد بأنها كانت نتيجة إختلاط الألوان قبل وضعها على اللوحة ثم إضافة بعض الطلاء الستيل الشفاف الذي لا لون له، مما أضاف بعداً وعمقاً للألوان.
أصبح الفنان “دافنشي” فيما بعد مستشاراً في شؤون وتزيين الكنائس الكبيرة في “ميلانو”، وعلى الرغم مما وصل إليه من شهرة ونبوغ، استمر في دراسة البصريات وعلم التشريح والجيولوجيا، ودراسة النباتات.
أصيب “دافنشي” بشلل في يده اليمنى وهذا ما أشعره بالحزن الشديد والإحباط، لكنه لم تضعف عزيمته بل واصل العمل باستعمال يده اليسرى وقد قيل أنه كان يستعملها بطريقة جيدة تماماً كما يستعمل يده اليمنى.
في عام 1519م شعر “دافنشي” بأنه سيموت، فأوصى بترك أعماله من كتب ولوحات وأبحاث لتلميذه “ميلزي” وأوصي بأموال لخادمه العجوز ولعشرات الفقراء والمساكين. وفي 2 مايو وبعد تسعة أيام من كتابة الوصية، يلقى الفنان آخر نظرة له على العالم ويموت بين يدي صفيه ورفيقه الفنان “ميلزي”. في 12 أغسطس أشرف “ميلزي” على نقل جثمان هذا العبقري الفريد، إلى إيطاليا وفقا لرغبته الأخيرة.
إقرأ أيضاً: 5 من أشهر لوحات ليوناردو دافنشي
قصة لوحة مخلّص العالم ؟
إن المتأمل والناظر في لوحات “ليوناردو دافنشي” وحتى الرسامين الآخرين ممن عاشوا في ذلك العصر يلاحظ أن أكثرها إما أن تكون عبارة عن لوحات زيتية لصور النساء، وإما أن تكون عبارة عن لوحات دينية يمثلون فيها (المسيح) أو (العذراء) أو (يوحنا المعمدان) أو (الحواريين).. (حسب معتقدهم)،
فعلى سبيل المثال: (لوحة العشاء الأخير و لوحة القديس يوحنا المعمدان لـ “دافنشي“)، (لوحة قطع رأس القديس يوحنا المعمدان لـ “كارافاجيو“)، و(لوحة معمودية المسيح لـ “أندريا دل فروكيو“)، و(لوحة صلب القديس بطرس لـ “مايكل آنجلو“).
إن لوحة مخلّص العالم لا تخرج عن هذا السياق، ففي وقت كانت تزال فيه الكنيسة قوية ومؤثرة إشتغل الرسامون لصالحها بإنشاء اللوحات والأصنام والرّسم على أسقف الكنائس.
حسب موقع (قناة العربية) فإن اللوحة رسمت بين عامي 1506 و 1516 لأجل الملك “لويس الثاني عشر” ملك فرنسا.
التفاصيل الفنية للوحة مخلص العالم..
يرسم “دافنشي” في لوحته هذه ما يعتبره المسيح، بملامح أوروبية بشعره الطويل ومنكبيه العريضين،
لابساً ثوباً أزرقاً الظاهر أنه من العصور الوسطى حاملاً في يده اليسرى كرة بلورية ورافعاً يده اليمنى مشيراً بأصبعيه السبابة والوسطى وقابضاً الأصابع الأخرى وهي إشارة تسمى “يد البركة”، وهي تعني البركة التي يمنحها المسيح للعالم حسب ما يعتقده المسيحين، وكرته البلورية ترمز إلى العالم كأنه يحافظ عليها ويريد سلامتها وفي نفس الوقت يبرزها لتدل على حماية المسيح للعالم وتخليصه للناس حسب ما يعتقده المسيحين أيضاً.
يصور دافنشي هذا الرجل كأنه في لحظة تأمل واثق بنفسه كأنه يقول أنا هنا أنا حاضر..
خلفية اللوحة (سوداء اللون) وكأن الرجل في مكان مظلم وتسلط عليه الأضواء بطريقة مدروسة، ظلام مع ضوء قليل، تعبير معروف جداً في القرون الوسطى يرمز إلى الزهد والرهبانية من جهة وإلى القوة والهيبة من جهة أخرى،
الألوان متناسقة وتم إختيارها بعناية ودقة كبيرة، مثلاً الأشرطة المزينة للباس بلونها البني على اللباس الأزرق الجميل المتماشية مع لون شعر الرجل.
حالياً.. تثير اللوحة جدلاً كبيراً في الأوساط الفنية فقد خرج بعض المختصين بتصريحات غريبة أكدوا فيها أن اللوحة التي بيعت مزيفة والبعض الآخر قال أنها ليست لدافنشي بل لمساعده “جيوفاني أنتونيو بولترافيو”، وهو نفس الأمر الذي حدث مع لوحة “حداد جميل” حيث نسبت أيضاً لهذا الأخير قبل أن يتم إثبات أنها لدافنشي.
في إنتظار الأدلة القاطعة الساطعة لإثبات العكس بخصوص لوحة ” مخلّص العالم “، تظل لوحة مخلّص العالم لدافنشي وتظل أيضاً حتى الوقت الذي نكتب به هذه الأسطر هي الأغلى في العالم.
المراجع:
– ابن مقصد العبدلي، من روائع الرسائل السياسية، ص.52 (بتصرف يسير)
– أنيس مرسين نجاة مرسي، عباقرة من التاريخ، ص.141
– ليوناردو دافنشي، ترجمة وتقديم عادل السيوي، فن التصوير، ص.43
شـاهد أيضاً..