قصة الاسراء والمعراج كاملة بالتفصيل، وهي من القصص العظيمة التي وردت في القرآن الكريم، كما تناولتها السنة النبوية الشريفة، وترتبط قصة الاسراء والمعراج بنزول الوحي، وظهور الإسلام والبعثة النبوية، وهي بمثابة تكريم الله تعالى لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليخفف عنه ما تعرض له من أذى من قبل قريش، وليريه آياته في الأرض والسماء، ومن هذا المنطلق كان لابد لنا من وقفة للتعرف على هذه المعجزة العظيمة، وفي مقالنا نقدم لكم كافة التفاصيل المتعلقة بقصة الاسراء والمعراج.
البعثة النبوية وظهور الإسلام
كانت شبه الجزيرة عربية تشهد الكثير من الأحلاف والخلافات قبيل ظهور الدين الإسلامي، كما شهدت وجود العديد من الآلهة التي كان يعبدها الناس ويقدسونها أعظم تقديس، كذلك عم الجهل والخوف والاعتداء على الحرمات في كافة أنحاء شبه الجزيرة العربية.
لذلك كان لابد من إرسال نبي لهداية الناس وإرشادهم إلى الصواب، وفي شهر رمضان بعد أن بلغ النبي محمد صلى الله عليه وسلم 40 عاماً، نزل الله تعالى عليه الوحي وهو يتعبد في غار حراء.
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها :” إن أول ما بُدي به صلى الله عليه وسلم من الوحي هو الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى الرؤيا إلا حدثت، ثم حُبب إليه أن يخلو بنفسه في غار حراء يتعبد، ثم جاءه الملك فقال: (إقراء باسم ربك الذي خلق)”.
ثم أنزل الله تعالى عليه صلى الله عليه وسلم سورة المدثر التي فيها أمر بالدعوة إلى الله وإنذار الخلق الذين بعث إليهم، وكانت خديجة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أول من أسلم ثم بنات النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبو بكر الصديق.
شاهد أيضا: اذاعة مدرسية عن الاسراء والمعراج
عام الحزن و رحلة الاسراء والمعراج
مر النبي صلى الله عليه وسلم بأحداث صعبة في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، ومن أشد هذه الأحداث ما مر به صلى الله عليه وسلم في العاشر من بعثته والذي سمي بعام الحزن، وهو العام الذي توفي به عمه أبي طالب، وزوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاثة سنوات، كذلك صادف عام الحزن الوقت الذي اشتد فيها إيذاء الكفار له وللمسلمين.
فأراد الله تعالى أن يكرم نبيه صلى الله عليه وسلم لصبره على إيذاء قريش له، وتخفيفاً للأحزان التي مر بها بسبب وفاة عمه وزوجنه خديجة، فأيده بمعجزة الإسراء والمعراج، وهي من المعجزات العظيمة التي أيد الله تعالى به النبي صلى الله عليه وسلم.
رحلة الإسراء والمعراج
لقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يؤيد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بمعجزات من عنده، تصديقاً له، ومنها معجزة الإسراء والمعراج التي حدثت بعد عام الحزن، ولقد جاء أيد الله تعالى النبي محمد بهذه المعجزة لكي تدل على الإيمان والتصديق، وحدث هذه المعجزة سنة 621م ما بين السنة الحادية عشرة إلى السنة الثانية عشرة من البعثة النبوية.
وهذه المعجزة الإلهية تدل على معاني كثيرة منها: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم آيات الله الكبرى، والربط بين المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد الأقصى في بيت المقدس.
كما جاء لتؤكد على ارتباط دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء السابقين، وإن ما يدعون إليه هو دعوة واحدة وهي التوحيد، من سيدنا آدم عليه السلام إلى إبراهيم عليه السلام حتى محمد صلى الله عليه وسلم.
وانطلقت رحلة الاسراء من المعراج من مكة المكرمة، لوجود المسجد الحرام فيها، كذلك لأنها الأرض التي انطلقت منها الدعوة إلى الإسلام، قال تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” .
شاهد أيضا: قصة الاسراء والمعراج للاطفال مكتوبة
ما المقصود بالإسراء
يُقصد بالإسراء سير الرسول صلى الله عليه وسلم ليلاً راكباً البراق مع جبريل عليه السلام من السجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، وعندما وصل النبي ربط البراق بالحائط الغربي للمسجد الأقصى، والذي يسيمه المسلمون بحائط البراق، ولقد خص الله تعالى بيت المقدس بهذه المنزلة، تأكيداً على بركته ومكانته الرفيعة عند الله تعالى.
وعندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى وجد الأنبياء عليهم السلام بانتظاره، فصلى بهم إماماً، تأكيداً على رسالة الإسلام هي رسالة الأنبياء جميعاً، وخاتمة الرسالات السماوية، قال تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ”.
ولقد ربط الله تعالى في رحلة الاسراء والمعراج بين المسجد الحرام والأقصى، وهذا الربط عقائدي، كذلك ليبين للمسلمين فضل الصلاة بهما.
ما المقصود بالمعراج
يُقصد بالمعراج صعود النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى المبارك في القدس إلى السماوات العلا، ولقد شاهد النبي الكثير من الأشياء والعجائب خلال تواجده في السموات ومنها، الجنة والنار، سدرة المنهى، الملائكة، الأنبياء.
ومن الأمور العظيمة التي حدثت في رحلة الإسراء والمعراج فرض الله تعالى في هذه الرحلة الصلوات الخمس على المسلمين، وذلك تأكيداً على أهميتها وهي صلة العبد بربه، كذلك هي أول ما يُحاسب عليه المسلم يوم القيامة.
شاهد أيضا: ماذا يقصد بليلة الاسراء والمعراج؟
ما موقف قريش من الاسراء والمعراج
رجع النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الليلة إلى مكة، وبدأ يحدث أهلها عن رحلته، إلا أن كفار قريش لم يصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم، بل كذبوه وأنكروا أقواله، على الرغم أن الرسول وصف لهم بدقة بيت المقدس، كذلك أخبرهم بموعد قدوم قافلتهم التي كانت قادمة من الشام، فوصلت في الموعد الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم، لكنهم استمروا بتكذيبه، وتمادوا في كفرهم وعنادهم، حتى أن الكثير من الذين أسلموا روادهم الشك فيما يقول النبي.
وعندما سئل أبو بكر رضي الله عنه عن خبر الإسراء فأجاب : “إني أصدقه فيما هو أبعد من ذلك، وأعظم، إن أصدقه بخبر السماء”، ومنذ ذلك اليوم يلقب أبو بكر بـ الصديق.
الدروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج
تعتبر رحلة الاسراء والمعراج بمثابة تكريم الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهي تكريم له بسبب الأذى الذي تعرض له خلال دعوته، وفيما يلي نقد لكم الدروس المستفادة من هذه الرحلة:
- النبي محمد صلى عليه وسلم إمام الأنبياء جميعاً.
- للصلاة أهمية خاصة في الإسلام، وفرضت في السماء، ليلة الإسراء والمعراج.
- الإيمان بأن الله تعالى قادر على كل شيء، وأنه قادر على تغيير قوانين الزمان والمكان.
- التسليم بحقيقة وجود الأنبياء، والملائكة، والمعجزات، والإيمان بهم جميعاً.
- الربط العقائدي بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى.
- فضل الرسول صلى الله عليه وسلم ومكانته.
- الثبات على الحق، وأن فرج الله تعالى قادم لا محالة.
- اليقين بأن الابتلاء من سنن الحياة، ويجب على المسلم أن يصبر ويحتسب.
قصة الاسراء والمعراج كاملة بالتفصيل، هي من القصص الدينية العظيمة، التي تروي لنا مدى قدرة الله تعالى وعظمته، وهي المعجزة التي أيد الله تعالى بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، كما جاءت تكريماً له وتخفيفاً عنه بسبب ما تعرض من أذى على يد كفار قريش.