سن الشيخوخة
كشفت التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة بأن أعداد كبار السن تشهد نموًا وتزايدًا ملحوظًا في مختلف دول العالم، حيث أن سن الشيخوخة قد يكون أحد أبرز علامات القرن الحادي والعشرين من حيث التحولات الاجتماعية، حيث ستترك أثرًا عميقًا في مختلف قطاعات المجتمع بما فيها الأسواق المالية وسوق العمل أيضًا.
وتبعًا للقتارير الصادرة وما ورد فيها من بيانات لعام 2019، فإنه من المتوقع أن يشكل كبار السن ما نسبته 16% من إجمالي عدد سكان العالم في سنة 2050م؛ هذا ويذكر بأن ربع سكان كل من أمريكا الشمالية وأوروبا سيكون أكبر من ربع سكانها من أعمارٍ تجاوزت 65.
وانطلاقًا من أهمية هذه المرحلة العمرية في مختلف أرجاء العالم؛ فقد عُقِدت العديد من المؤتمرات من قِبل الجمعية العامة منها إقامة الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة للدعوةِ للاهتمامِ بقضايا هذه المرحلة من صحة وتغذية وتأمين الرعاية الاجتماعية وضمان الدخل والأسرة والبيئة وحماية المستهلك المسن وغيرها الكثير،
وانطلاقًا من ذلك فقد ظهر منذ القدم علم يختص بتسليط الضوء على المسنين يعرف باسم علم الشيخوخة كفرعٍ من فروع العلوم الاجتماعية.
علم الشيخوخة
علم مختص بدراسة سن الشيخوخة عن قُرب ووضعه تحت مجهر الدراسة للتعرف على الجوانب البيولوجية والنفسية والمعرفية والثقافية والاجتماعية لها، ولا بد من التفرقة هنا بين “علم الشيخوخة” و”أمراض الشيخوخة”؛ حيث أن الأخير فرع طبي يهتم بإيجاد علاج للأمراض التي تغزو أجساد المسنين، ويدرج تحتها كل من علم الأحياء وعلم الجريمة والعمل الاجتماعي وعلم النفس والعلوم السياسية والهندسة المعمارية والصحة العامة وغيرها الكثير من الفروع المندرجة تحت أمراض الشيخوخة،
بينما يتضمن علم الشيخوخة العديد من الجوانب منها التغيرات البدنية والاجتماعية والعقلية والبيولوجية والآثار الاجتماعية والنفسية للشيخوخة وغيرها الكثير.
من الجديرِ بالذكرِ أن هناك عدد كبير من الحقول الفرعية التي تندمج وتنخرط مع علم الشيخوخة وتقترن به، حيث أن هناك بعض القضايا في دراسة الشيخوخة تقترن بالسياسات العامة؛ ومن أبرز الأمثلة عليها المساهمة في التخطيطات الحكومية بما فيها تشغيل دور رعاية المسنين، والبحث والتعمق في آثار شيخوخة السكان على شرائح المجتمع وغيرها الكثير، وبشكلٍ أدق يمكن القول بأن علم الشيخوخة علم مهتم بتركيز الضوء على مختلف الجوانب ذات العلاقةِ بسن الشيخوخة بالتزامنِ مع ازدياد ارتفاع متوسط العمر.
اهتمامات علم الشيخوخة
يكشف علم الشيخوخة عن مجموعة من الاهتمامات والاحتياجات التي يتطلبها كل مسن فور بلوغه سن الشيخوخة، ومن أهم هذه الاحتياجات:
- تفادي حدوث الأضرار الجسمية.
- تحقق الأمن والأمان في مختلف المجالات ومنها الاقتصادي.
- الحاجة الماسة إلى الترفيه عن النفس لتجنب الاكتئاب.
- الرعاية الصحية.
- حرية التعبير عن الذات والرأي.
- تكوين الصداقات.
- مد يد العون للآخرين.
- ممارسة الأنشطة والترويح عن النفس.
- الانخراط بالأنشطة الاجتماعية والمجتمع.
نظريات علم الشيخوخة
يتخذ علم الشيخوخة مجموعة من النظريات ويعتمد عليها في تحقيق أهدافه، ومنها:
-نظرية فك الارتباط
نظرية من نظريات علم الشيخوخة التي افترضها وجاء بها “كاننج وهنري” في غضونِ سنة 1961م، وقد نصت على أن الشيخوخة الناجحة لا بد لها أن تحتوي على الانسحاب التدريجي من الإطار الاجتماعي مع ضرورة مواكب له من الآخرين للحدِ من توقعاتهم من المسنين والتقليل من درجة التعامل معهم، وتعتمد على عدةِ مستويات منها:
- الناحية الاجتماعية، وجوب ترك الدور الاجتماعي الذي أصبح المسن عاجزًا عن القيام به، وذلك لفتح الأفق أمام الأصغر سنًا.
- ضرورة المحافظة على التوازن بين متطلبات شركاء الدور والطاقات المنحصرة في السن.
- الناحية العاطفية، ضرورة الاهتمام بالجانب العاطفي للإنسان المسن بشكل كبير.
-النظرية التبادلية
تعتمد هذه النظرية اعتمادًا كليًا على ما يؤديه المسن من دور سواء من أخذ أو عطاء، والتأكيد على ضرورةِ الالتزامِ برد المعروف أو الشيء بقيمة مماثلة تمامًا، حيث أن علم الشيخوخة يهتم بقيام المجتمعات على مبدأ تبادل المصالح والمعروف بين الأشخاص لتحقيق أقصى فائدة، مع ضرورة تحقيق الاحترام للذات والغير.
-نظرية النشاط
تركت نظرية فك الارتباط في علم الشيخوخة جدًلا واسعًا عندما دخلت حيز الافتراض والدراسة، إذ قوبلت بالانتقادات اللاذعة؛ وذلك لاعتبارها أنها قد جاءت لتأكيد النتائج الإيجابية ومدى أهميتها في استمرار تحقيق الارتباط والتواصل مع العالم من خلال القيام بأدوارٍ تبدالية، وقد جاءت نرية النشاط لغاياتِ التخلص من التناقضات التي جاءت بها نظرية فك الارتباط وتقديم مقترحات جديدة ذو أهداف مزدوجة بالاعتمادِ على مجموعة من العناصر، وقد حققت نظرية النشاط حماسًا واسعًا بين صفوف الباحثين لإجراء دراسات متجددة تسلط الضوء على السلوكيات الاجتماعية.
أمراض الشيخوخة
تاليًا قائمة بأهم الأمراض المقترنة بالحدوثِ مع سن الشيخوخة، إلا أن حدوثها والإصابةِ بها ليس ضروريًا؛ وإنما تزداد فرص الإصابة بها أكثر من أي وقتٍ مضى قبل سن 65، ومن أهم هذه الأمراض:
- الزهايمر، مرض يمكن أن يصيب الإنسان بدءًا من سن 40 وما فوق.
- هشاشة العظام، يحدث إثر تدني مستويات الكالسيوم في الدم بسبب تقدم العمر.
- الخرف، العجز عن التحليل والفهم والاستيعاب ولا علاقة لها بالذاكرة.
- الاضطرابات النفسية، منها القلق والاكتئاب والتوتر.
- قلة النوم، يصبح المسن أقل نومًا من أي مرحلة عمرية أخرى قد مر بها، وذلك نتيجة اختلاف الساعة الحيوية.
- سلس البول، ويغزو النساء بشكل أكبر منه عند الرجال.
- ضعف السمع والرؤية، يعتبر الرجال أكثر إصابة بضعف السمع من النساء غالبًا.
- الشلل الرعاش، يصيب المرض 2 من أصل 1000 شخص ممن تجاوزوا سن الخمسين.
- التعب والإرهاق والاجهاد.
سن الشيخوخة من المراحل العمرية التي تحتاج إلى اهتمام ورعاية عظيمة من قبل المحيطين بالمسن نفسه، إذ يدخل المسن في سن الشيخوخة بعد بلوغه سن الخامسة والستين؛ فتبدأ القدرات العقلية بالتدهور تدريجيًا لتتأثر بذلك كفاءة المسن من الناحية العملية والاجتماعية، كما يصبح من الصعب عليه التذكر والتفكير المجرد والحكم واللغة وغيرها الكثير من الأمور، وانطلاقًا من ذلك يحظى علم الشيخوخة بالأهمية الكبيرة في مختلف المجالات؛ فيطلق عليه تسمية طب المسنين (Geriatrics).
شـاهد أيضاً..