ثمة العديد من الشخصيات الإسلامية ممن يمثلون أسوةً حسنة، ينبغي الإقتداء بها، ولا ننسى في هذا الصدد ذات النطاقين بنت حبيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم – خلال هذا الموضوع، نتناول أهم المحطات الحياتية التي مرت بها، ونتعرف على حياتها، وشخصيتها الراقية، بشيءٍ من التفصيل.
أسماء ذات النطاقين
هي أسماء بنت الصحابي الجليل “عبدالله بن عثمان”، الملقب “بأبي بكر الصديق”، أمها “قيلة” بنت “عبد العزي بن عبد سعد بن جابر”، أختها السيدة “عائشة”، وزوجة “الزبير بن العوام”، وأنجبت منه “عبد الله بن الزبير” – رضي الله عنهم وأرضاهم جميعًا .
أطلق عليها الرسول الكريم – عليه أفضل الصلاة والسلام – ذلك اللقب بعد هجرته من مكة إلى المدينة المنورة، هو وصديقه “أبو بكر الصديق” والد “أسماء”؛ وذلك لأنها قامت بطهو الطعام للرسول ووالدها أثناء الهجرة، ولم تجد ما تحمل فيه الطعام، فقامت بشق نطاقها ( حزام يتم ربطه وشده على الوسط ) نصفين، ووضعت في نصفه الطعام، وإختمرت بالنصف الآخر؛ لذلك لقبها الرسول – عليه أفضل الصلاة والسلام – بذلك اللقب.
رُوِيَ عن أسماء أثناء مخاطبتها للحجاج أنها قالت: ” كان لي نطاق أغطي به طعام – رسول الله صلى الله عليه وسلم – من النمل، ونطاق لا بد للنساء منه “.
سيرة أسماء – رضي الله عنها –
وُلِدَتْ “أسماء” بنت “أبي بكر” قبل الهجرة النبوية بحوالي سبعة وعشرين عامًا، كانت أكبر عمرًا من السيدة “عائشة” ببضعة عشر عامًا، وكانت أختها غير الشقيقة من والدها، كان عمر والدها عند ولادتها بضعًا وعشرين عامًا، كانت ذات النطاقين من أوائل المسلمين، حيث أسلمت بعد إعتناق سبعة وعشرين شخصًا للدين الإسلامي.
دور أسماء في الهجرة النبوية
يجهل الكثيرون المواقف البطولية التي قامت بها “أسماء” بنت “أبي بكر” ( ذات النطاقين )، ويعد موقف النطاقين أكثر المواقف التي اشتهرت بها، ولكن ثمة مواقف أخرى تتعلق بالهجرة النبوية، لا تقل أهميةً عن موقف النطاقين، نوردها فيما يلي:
- حينما هاجر الرسول – عليه أفضل الصلاة والسلام – ومعه رفيقه “أبو بكر الصديق” – رضي الله عنه – جاء “أبو جهل بن هشام” إلى بيت “أبي بكر” في جماعةٍ من أهل قريش، فخرجت لهم السيدة “أسماء” – رضي الله عنها – فسألها “أبو جهل” عن المكان الذي يمكث فيه “أبو بكر”، فقالت: ” لا أدري والله أين أبي ” فلطمها “أبو جهل” على خدها فسقط حلقها إثر هذه الضربة العنيفة.
- بعدما هاجر النبي – صلوات ربي وتسليماته عليه – ومعه خليله الصديق، جاء إليها جدها “أبو قحافة”، وكان لم يعتنق الإسلام بعد، كما كان فاقدًا لبصره آنذاك، وكان “أبو بكر” قد أخذ جميع الأموال التي يمتلكها قبل أن يخرج مع النبي – صلى الله عليه وسلم – من أجل الهجرة، فقال لها جدها: ” والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه ” فقامت السيدة “أسماء” بوضع مجموعة من الحجارة المصفوفة في مكان وضع أبيها للمال، ثم غطت هذه الحجارة واخذت بيد جدها ليتحسس تلك الحجارة قائلةً: ” كلا يا أبتِ، قد ترك لنا خيرًا كثيرًا ” حتى يسكن ويطمئن، فرد عليها قائلًا: ” لا بأس إذا ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم “.
إقرأ أيضاً: سؤال وجواب عن بنات الرسول وأولاده وأحفاده
هجرة أسماء بنت أبي بكر
كانت ذات النطاقين حاملًا في “عبد الله” ولدها من “الزبير” أثناء هجرتها من مكة إلى المدينة، وقامت بولادته في مدينة “قباء”، قبل الوصول إلى المدينة المنورة، وإستبشر المسلمون بهذا الطفل؛ حيث ظلوا فترةً طويلة لا يولد إليهم مولود، وراجت إشاعات كثيرة أن اليهود أصابوهم بسحرٍ ما، حملته أمه إلى الرسول – عليه أفضل الصلاة والسلام – فباركه الرسول، وأسماه “عبد الله”، وطلب من الصديق أن يتلو الآذان في أذنيه.
تجدر الإشارة إلى أن “أسماء” قد أنجبت من “الزبير” سبعة أطفال بعد مولد “عبد الله”، أربعة منهم ذكور، وثلاثة إناث، وهم: “عاصم”، “المهاجر”، “المنذر”، “وعروة”، “خديجة”، “أم الحسن”، “عائشة”.
طلاق السيدة أسماء من الزبير
كان “الزبير” شديد البنية والطبع، فكان قاسيًا على السيدة “أسماء” بعض الشيء، فحدثت أباها في الأمر، فرد عليها قائلًا: ” يا بنية، إصبري، فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح، ثم مات عنها، فلم تزوج بعده، جمع بينهما في الجنة “.
إلا أن الخلاف إشتد بين كلٍّ من السيدة “أسماء” و”الزبير”، فطلقها، وعاش “عروة” أصغر أبنائها مع أبيه، بينما ظلت هي عند ابنها “عبد الله بن الزبير”.
موقفها إزاء مبايعة الخلافة لعبد الله ومقتله
تولى “عبد الله بن الزبير” الخلافة بعد وفاة “يزيد بن معاوية”، وجعل “مكة” عاصمةً لحكمه، ولكن ولايته لم تستمر لوقتٍ طويل؛ حيث حوصر “عبد الله” من قبل “عبد الملك بن مروان” في “مكة”، فتخلى عنه أهله وأصحابه، دخل “عبد الله” على أمه يطلب نصيحتها، فقالت له: ” أنت أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق، وإليه تدعو، فامضِ له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعب بها “غلمان بني أمية” فرد عليها بأنه يخشى أن يُقْتَل، ويُمَثَّل بجثته بعد ذلك، فقالت له: ” يا بني إن الشاة لا تتألم بالسلخ إذا ذبحت، فامضِ على بصيرتك، واستعن بالله ” ثم طلب منها أن تدعو إليه، وإنصرف عنها، ولم تمضِ أيام كثيرة حتى قام الأمويون بالهجوم، وقتل “عبد الله” في معركةٍ قاتل فيها بشراسة.
عادت السيدة “أسماء” إلى “مكة” بعد مقتل ولدها، وأبت أن تستجيب إلى طلب الحجاج وتهديداته، فأمر “عبد الملك بن مروان” الحجاج أن يعيد إليها ولدها، فأخذت جثمانه، وغسلته، وكفنته، ودفنته، ثم توفيت بعدها بأيامٍ قلائل، تلك هي قصة ذات النطاقين “أسماء” بنت أبي بكر” – رضي الله عنها وأرضاها -.
شـاهد أيضاً..
قصة إسماعيل عليه السلام للأطفال