لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل لغتنا العربية الحبيبة عن التاريخ؛ فثمة الكثير من الشواهد التي توضح تطور اللغة العربية الفصحى عبر العصور التاريخية، مثل: الحفريات، الصخور، وخلافه، ما يعود إلى الألف الرابعة قبل الميلاد، ما يدل على وجودها عبر الزمان.
مفهوم اللغة العربية
تعرف اللغة العربية بأنها لغة الضاد، المؤلفة وهي أحد أهم اللغات عالميًا، ومن اللغات السامية الأكثر انتشارًا، تتألف من نحو 28 حرفًا، أو 29 إذا ما أضيفت الهمزة بشكلٍ منفرد.
كما أنها واسعة المعاني العظيمة، وقد ميزها، وكرمها الله – عز وجل – إذ أنزل القرآن الكريم مكتوبًا بها، وهي أكثر اللغات استيعابًا للمفردات اللغوية، وقد مرت بكثيرٍ من مراحل التطور؛ لكي تصل إلى الشكل الحالي..
وفيما يلي نقوم بشرح مراحل تطور اللغة العربية التي تدرجت على إثرها لغتنا الفصحى، حتى وصلت إلينا على الشاكلة التي عليها الآن.
اللغة العربية أقدم اللغات عالميًا
استطاعت اللغة العربية أن تحافظ على تراثها، أدبها، ألفاظها، مفرادتها، وغير ذلك من المكونات عبر الأزمان، على الرغم من أنها تعد بمثابة أقدم اللغات، إذ بدأ نبوغها على غيرها من اللغات القديمة الأخرى، التي لم تتمكن من الحفاظ على ألفاظها كاملة، كما في اللغة اللاتينية، العبرية، السنسكريتية، اليونانية، حيث يتكلم أصحابها بلغاتٍ كثيرة، ما انعكس بالسلب على إهمال اللغة الأم، نظير تعدد اللغات المستخدمة،
وهو على العكس تمامًا إزاء تطور اللغة العربية عبر الأزمان، والتي ظلت حية، كائنة، محافظة على قواعدها، وأصولها؛ بسبب وجود الكثير من اللهجات فيها.
مراحل تطور اللغة العربية
في إطار هذا الجزء، نوضح أهم المراحل التي تدرجت فيها لغة القرآن الكريم، حتى استقرت على طورها الذي عليه الآن…
طور ما بعد عصر الفتوحات الإسلامية
راجت اللغة العربية كثيرًا عقب الفتوحات الإسلامية، وأثرت على شعوب عديدة، لا سيما بعد دخول كل من: المسيحيين، والأشوريين، والرومانيين، والأمازيغ الدين الإسلامي الحنيف،
حيث تعد اللغة العربية وسيلة تشريعية للقرآن، والأحاديث، والصلاة، وهو ما ساعد اللغة على الذيوع، والانتشار، بالإضافة إلى اتخاذها لغة ثانية تالية للغة الأم لدى الأعاجم، خلال ذروة رواجها في ذلك الآن؛ لأنها كانت ولا زالت لغة العلم والأدب في فترة الخلافة العباسية، والأموية بمرور الزمن، إذ أمست العربية لغة فعالة للشعائر المسيحية في المنطقة العربية، مثل: كنائس الكاثوليك، والأرثوذوكس، كما أضافت اليهودية كثيرًا من الأعمال الدينية خلال العصور الوسطى باللغة العربية.
مرحلة التطور عبر العصرين العباسي والأموي
كان لكل من العصر العباسي والأموي دور كبير في عملية تطور اللغة العربية، لا سيما المعجم آنذاك، فكانوا يستخدمونه في ترجمة العلوم المختلفة إلى العربية، ما أضاف إلى اللغة مفردات ومصطلحات لم تكن موجودة من قبل..
ومثال على تلك المصطلحات: كلمة ” بيمارستان ” وهي كلمة من أصل فارسي، وفي العصر الذهبي شهدت لغتنا الخالدة أعلى مراحل تطور اللغة العربية الفصحى، وبالتحديد بعد أن استخدمها الكثير من العلماء، للتعبير عن أفكارهم، وأدبهم، وقد تم تأليف الكثير من الكتب في المجالات كافة باستخدامها، وتأثرت الكثير من اللغات مثل: الإنجليزية، الفرنسية، وغيرها في العصر الصليبي، وذلك بسبب التفاعل والاختلاط المستمر بين البلدان.
تطور اللغة العربية أثناء الغزو المغولي
قام “هولاكو” قائد المغول باجتياح المنطقة العربية، مما أثر بالسلب على اللغة العربية، حيث أصيبت بالركود إثر ذلك الغزو، فنتج عن ذلك تدمير الثقافة العربية، بالإضافة إلى إهمال العرب لتطوير العربية خلال عصر المماليك، حيث كانوا يولون بالغ اهتمامهم لإصلاح تدميرات الغزو المغولي، كما ساعد نفي المسلمين من الأندلس على انحدار اللغة، نتيجة استرداد الأندلس، كما يعد تراجع العلوم العربية، وازدهار الحضارة الأوربية أحد أسباب تدهور اللغة.
طور الفتوحات العثمانية
استعادت العربية رونقها في البلقان والأناضول أثناء الفتوحات العثمانية، لا سيما عقب اعتناق الكثيرين للدين الاسلامي، فصارت العربية لغة ثانية للدولة العثمانية، إلا أن ذلك لم يستمر، حيث صارت لغةً للديانة الإسلامية فقط، أوائل القرن السادس عشر، خاصة في مجال الأدب والعلوم، إثر عدم اهتمام العثمانيين بالثقافة والعلم مثل العباسيين.
مرحلة التطور في نهاية القرن التاسع
شهدت العربية ازدهارًا طفيفًا عقب انحطاط ملحوظ، استمر طيلة 400 عام، وذلك في أواخر القرن التاسع عشر، نتيجة التطور الثقافي في مصر والشام، حيث زاد عدد المتعلمين، كما تم توجيه بالغ الاهتمام لتجميع حروف اللغة، وكذلك ترجمة الصحف، ونشرها بالعربية، كما تم تنظيم كثير من الجمعيات الأدبية، مما ساعد على ازدهار العربية..
وكان للكثير من الأدباء دور فعال في تطويرها، أمثال: أمير الشعراء أحمد شوقي، وجبران خليل جبران، حيث عرفت المعاجم العربية الحديثة على أيديهم، مثل قاموس محيط المحيط ودائرة المعارف، ولعبت الصحافة العربية دورًا فعالًا في إثراء اللغة في مجال الأدب فقط، دون المجال العلمي، حيث لم تعد تقدم دورًا كبيرُا فيه بعد الحرب الباردة، فكانت للإنجليزية اليد العليا في العالم، وصارت اللغة المستخدمة في العلوم والتجارة.
إقرأ أيضاً: الفرق بين الشعر والنثر في الأدب العربي
بهذا نكون قد عرضنا لكم أهم مراحل تطور اللغة العربية الفصحى، عبر العصور التاريخية، بشيءٍ من التفصيل، ما يضع أيدينا نصب أعيننا أهمية تاريخنا، ولغتنا، وضرورة المحافظة عليها.
شـاهد أيضاً..