يعتبر مرض التوحد عند الأطفال من الأمراض المنتشرة بنسبٍ متفاوتة حول العالم، ويشار إلى أن هذا المرض تبدأ أعراضه بالظهور عند الأطفال قبيل بلوغ سن الثالثة من العمر، ويظهر أثره العميق على طريقة الكلام لدى الطفل وكيفيتها، كما يؤثر سلبًا على السلوك ومدى تفاعل الطفل المصاب مع الآخرين، ولا بد من الإشارة إلى أن الأعراض المرافقة له تتفاوت من طفل إلى آخر بشكل ملحوظ، وتحدثنا في مقال سابق عبر نافذة موقع محطات عن حقيقة مرض التوحد عند الأطفال وأعراضه وطرق علاجه، وجاء هذا المقال استكمالًا للمعلومات المقدمة؛ حيث يتناول هذا المقال تاريخ مرض التوحد عند الأطفال والأخطاء الشائعة حوله.
تاريخ مرض التوحد عند الأطفال
تسلسل اكتشاف مرض التوحد عند الأطفال بعدة مراحل، ذكرناها على النحو الآتي:
- قدّم الطبيب النفسي ليو كانر مقالًا يتضمن وصفًا دقيقًا للأعراض الظاهرة على إحدى عشر مريضًا يتابع الوضع الصحي الخاص بهم منذ سنوات طويلة، وكان ذلك في عام 1943م، وأكّد في مقاله هذا بأن الأعراض التي تظهر على المرضى تختلف تمامًا عن تلك النفسية التي تظهر على المرضى النفسيين؛ فأطلق مصطلح التوحد لأول مرة في ذلك العام.
- في فترة زمنية لاحقة أقدم العالم النمساوي أسبرجر هانز على ملاحظة واكتشاف بعض الحالات في فينا النمساوية في سنة 1943م، وكانت الحالات حينها تتفاوت فيما بينها بالسمات والأعراض عن الحالات التي وصفها كانر تحت مسمى التوحد.
- أما في أمريكا فكان مرض التوحد عند الأطفال مازال مجهولًا نسبيًا، حيث استمر الغموض يحيط بهذا المرض حتى الفترة اللاحقة للحرب العالمية الأولى.
- مع حلول عام 1981م اجتمع العالم أسبرجر بطبيب الأطفال الإنجليزي لورنا وينغ في لقاء علمي في العاصمة النمساوية فيينا، وقام الطرفان بتلخيص البحوث المتضمنة سلسلة من دراسة الحالات، المتشابهة بالأعراض والإشارات.
- اجتاح كتاب العالم البريطاني فريد عالم الطب وصحة الطفل في عام 1991م، وكان محور الحديث متمركزًا حول التوحد، كما تطرق للنتائج الخاصة ببحوث أسبرجر باللغة الإنجليزية، ويشار إلى أن هذا المرض كان يعرف باسم التوحد ذو الأداء الوظيفي العالي.
- إجراء آلاف الدراسات حول الحالات المصابة بمرض التوحد في كل من أوروبا وأمريكا، فأطلق على المرض بعدها اسم متلازمة أسبرجر، وخاصةً بعد ما جاء به هذا العالم.
- في عام 1994م تم ظهور الحاجة الملحة لإجراء تشخيص لحالات التوحد وإحالتها لأطباء مختصين في ذلك، إلى جانب ضرورة تطبيق المعايير العلمية.
- إصدار هيئة الصحة العالمية للدليل الدولي لتنصيف الأمراض شاملًأ بين طياته على مرض التوحد عند الأطفال، وكان ذلك في الإصدار العاشر منه.
اقرأ أيضًا: مخاطر المكملات الغذائية على الصحة
حقائق حول مرض التوحد عند الأطفال
- استحالة تشخيصه خلال الحمل، وذلك لاعتباره مرض ينمو بالتزامن مع مراحل النمو للإنسان.
- صعوبة ملاحظة الأعراض على مصابي المرض في الفترة العمرية ما بين 24-30 شهر.
- استعانة طفل التوحد بالإشارات عوضًا عن الكلمات في المراحل الواجب الكلام بها.
- عدم تقليد الآخرين إطلاقًا، بل يبتكر حركات خاصة به ويكررها.
- هناك فرق كبير بين مرض التوحد والتخلف العقلي، فلكل منهما الأعراض والنتائج الخاصة به.
- تتفاوت حدة مرض التوحد لدى الأطفال وفقًا لشدة الأعراض وعددها الظاهرة على الطفل.
- العجز عن ممارسة الحياة بشكل طبيعي، حيث يعجز عن الزواج والعمل لأسباب نفسية وعقلية وليست جنسية.
الأخطاء الشائعة حول مرض التوحد عند الأطفال
*التوحد يصيب الإناث فقط:
من أكثر الأخطاء الشائعة انتشار معلومة أن التوحد عند الأطفال يصيب الإناث فقط، بل على العكس تمامًا؛ إذ ترتفع نسبة احتمالية إصابة الذكر به بأربعة أضعاف احتمالية إصابة الأنثى فيه.
*إمكانية علاج التوحد:
لم يذكر صراحةً طب الأطفال حتى هذه اللحظة شفاء أي حالة من حالات التوحد بشكل تام، وإنما يساعد العلاج على التخفيف من حدة الأعراض المرافقة قدر الإمكان.
*الافتقار للمشاعر والأحاسيس:
تشيع الكثير من المعلومات حول انعدام الأحاسيس لدى الطفل المصاب بالتوحد، والصحيح أنه يفتقر للطريقة السليمة للتعبير عن مشاعره، فهو يشعر بالسعادة والألم والحزن.
*التوحد قاتل شرس للإبداع:
ذلك من أكبر الأخطاء الشائعة، فقد أثبتت الكثير من الدراسات البريطانية على احتمالية امتلاك طفل التوحد قدرات إبداعية أكثر من الطفل السليم، ويعزى ذلك لقدرتهم على التفكير بشكل غير تقليدي.
*التوحد إحدى الاضطرابات النادرة في النمو:
بل يحتل مرض التوحد عند الأطفال المرتبة الثالثة من حيث الإنتشار بين أمراض اضطراب النمو على مستوى العالم.
*مضادات التطعيم تتسبب بالتوحد:
تعتبر مثل هذه المعلومات خاطئة ولا أساس لها من الصحة تمامًا.
*مرض التوحد عند الأطفال سببه سوء المعاملة:
لا يمكن الجزم بتغليط هذه المعلومة، بل أنها قد تكون عاملًا مساعدًا وليس مسببًا رئيسيًا لهذا المرض.
*تشابه سلوكيات أطفال التوحد:
الصحيح التفاوت الملحوظ في ردود الأفعال والسلوكيات لدى مصابي مرض التوحد عند الأطفال.
اليوم العالمي للتوحد
يحتفل العالم في الثاني من أبريل من كل عام باليوم العالمي للتوحد، ويكمن الهدف من الاحتفال هو التحذير من المرض، ومن الممكن أن يعتبر محزنًا للبعض، إلا أنه يعتبر تقديرًا للجهود المبذولة في محاولة علاج المرض.