تتفاوت معدلات الهطول المطري والثلجي من منطقة إلى أخرى وفقًا للموقع الجغرافي لها، إذ ممكن أن تستحوذ بعض المناطق الجبلية أو الغابات المطيرة على كميات أكبر منها في المناطق الصحراوية، أما فيما يتعلق بالهطول المطري فإنه يعتبر مرتفعًا نسبيًا فوق المحيطات والمسطحات المائية بشكلٍ عام، وتتجمع مياه الأمطار لتغذي البحيرات أو تشكلها أساسًا، إلا أن بعض البحيرات تمتاز بديمومة وجودها خاصةً في المناطق الرطبة، أما المناطق الأقل رطوبةً وأكثر جفافًا فتكون البحيرات فيها مضطربة؛ إذ يمكن أن يُلاحظ ان هناك بحيرات تجف في بعض المناطق، وفي هذا المقال سنتحدث عن أبرز 7 بحيرات تجف وتنكمش من حول العالم.
أبرز 7 بحيرات تجف وتنكمش حول العالم
1- بحيرة بوبو
تشغل هذه البحيرة موقعًا في غربِ وسط دولة بوليفيا، وتعد واحدة من أبرز بحيرات تجف تحت تأثير العوامل، حيث ساهم اختلاف المناخ وتغيرّه وتكدس رواسب ومخلفات صناعة التعدين إلى إلحاقِ الضرر بها، ويذكر بأنها قد تعرضت للجفاف التام في شهرِ ديسمبر سنة 2015م على هامش العوامل المذكورة مؤخرًا، ومن أبرز ما يتوفر من معلوماتٍ حولها:
- تتموضع في ربوع منطقة الألتيبلانو، فوق هضبةٍ ترتفع عن مستوى سطح البحر بنحو 3668 متر.
- تمتد مساحة البحيرة إلى 2530 كيلو متر مربع، مما يجعلها ثاني أكبر بحيرة في بوليفيا.
- يُقدر عرض البحيرة بـ 32 كيلو متر، أما طولها فيتجاوز 90 كيلو متر مربع، بينما لا يتجاوز عمقها 2.4-3 متر.
- منذ عام 1990، ساهم تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري إلى ارتفاع نسبة التبخر إلى ثلاثةِ أضعاف ما سبق، وقد جاء ذلك بالتزامنِ مع عدم هطول المطر نهائيًا على المنطقة، فأفضى ذلك إلى ازدياد مشكلة الجفاف أكثر وأكثر.
- تركت الغالبية العظمى من السكان ممن يقطنون المنطقة بعد أن جفت البحيرة.
- تدهورت الحياة النباتية والحيوانية، واصطياد الأسماك المتواجدة كاملةً وموت بعضها.
2- بحيرة إيري الأسترالية
بحيرة مالحة ضخمة جدًا تمتد مساحتها لأكثر من 11,088 كيلو متر مربع في وسط جنوب أستراليا، وتحديدًا في الجهةِ الجنوبية الغربية بالنسبة لحوض Arestian العظيم؛ ويعد الأخير بمثابةِ حوض داخلي مغلق تمتد مساحتها فوق 1,140,000 كيلو متر مربع، وتعتمد بالتغذية على ما تصرفه الجداول المتقطعة وبحيرات تجف في بعض المواسم، وبالرغم من ذلك إلا أنها قد تتعرض للفيضان، ويشار إلى أن بحيرة أيري تعد بمثابةِ النقطة الأكثر انخفاضًا على مستوى قارة أستراليا بكاملةً؛ إذ تنخفض بنحو 15 متر تحت مستوى سطح البحر، وتنشطر بدورها إلى شطرين رئيسيين؛ هما بحير آير الشمالية والبحيرة الجنوبية.
بالإضافةِ إلى ما تقدّم من المعلومات؛ فإن البحيرة تصنف ضمن قائمةِ بحيرات تجف وتنكمش، ويعزى السبب بجفاف المياه في هذه البحيرة إلى ارتفاع نسبة التبخر بسرعة فائقة جدًا، وتتمركز في قاع البحيرة طبقة رقيقة تتكدس فوقها الأملاح الناتجة على هامش عملية التبخر.
إقرأ أيضاً: ظاهرة التغير المناخي أسبابها وحلولها
3- بحيرة آرال
يثير إعتبار هذه البحيرة من بين بحيرات تجف وتنكمش محط اهتمام الكثير من العلماء، إذ بدأ الانكماش والجفاف يتفاقم أكثر وأكثر مع حلول الشطر الثاني من القرن العشرين، وتحديدًا بالتزامنِ مع الفترة التي كانت تتبع بها المنطقة للاتحاد السوفياتي، ويذكر بأن انكماش حجم البحيرة والمياه فيها حتى القرن 21 ميلادية، ويذكر بأن التغير قد طرأ على هامش حدوث تحويلات في مجرى مياه نهر داريا (كان يعرف قديمًا باسم نهر أكسوس القديم) في الأجزاء الشمالية ونهر آمو داريا في الجنوب، وقد ظهرت الكثير من المشاكل البيئية على هامشِ جفاف البحيرة.
في نهايات الثمانينات تفاقم انكماش البحيرة وجفافها أكثر مما سبق؛ إذ بلغ الجفاف نحو النصف من حجمها الأصلي سنة 1960، وبالتالي فقد ترتب على ذلك:
- تفاقم منسوب الأملاح بشكلٍ كبير في مياه البحيرة.
- اضطراب التوازن ما بين معدلات التدفق والتبخر.
- تدهور الثروة السمكية ونفوق أعداد كبيرة منها.
- تحوّل المياه لغير صالحة للشرب نهائيًا.
- دمار مهنة صيد السمك.
4- بحيرة ميد
بحيرة اصطناعية تتجاوز سعتها التخزينية 38,296,200,000 متر مكعب؛ لذلك فإنها واحدة من كبرى البحيرات الاصطناعية عالميًا، كما أنها أيضًا من بين 7 بحيرات تجف وتنكمش حول العالم، وفي وصف هذه البحيرة فإنها بمثابةِ خزان احتياطي للماء قائم ما بين الحدود الفاصلة بين ولايتي نيفادا وأريزونا الأمريكيتين، ويفصل بينها وبين ولاية لاس فيغاس مسافةً تمتد لنحو 40 كيلو متر شرقًا، ويشار إلى أن هذه البحيرة تعتمد في تغيتها على نهر كولورادو؛ إذ يمكن اعتبارها سدًا له؛ إذ تبعد عن منبعه ب185 كيلو متر، أما عرضها فيتفاوت ما بين 1.6-16 كيلو متر، أما مساحتها الإجمالية فتقدر بـ 593 كيلو متر.
جاءت تسمية بحيرة ميد إحدى بحيرات تجف وتنكمش نسبةً إلى مفوض مكتب الاستصلاح إلوود ميد في الفترة الزمنية ما بين 1924 وحتى عام 1936، ويذكر بأن الأقمار الصناعية قد تمكنت من رصد تغير منسوب الماء في البحيرة وجفافها تدريجيًا على هامشِ الجفاف الذي أصاب الأجزاء الجنوبية الغربية من أمريكا في مطلع القرن 21، وما دّل على ذلك هو انخفاض منسوب الماء لأكثر من 37 متر خلال 15 عامًا (2000-2015).
إقرأ أيضاً: زلزال تشيلي 1960.. وحقائق مخيفة عنه
5- بحيرة تشاد
تتربع بحيرة تشاد ضمن قائمةِ أكبر البحيرات الأفريقية، وتشير المعلومات التاريخية لنشأة هذه البحيرة إلى أنها قد نشأت على هامشِ جفافِ بحر ضخم قديم، وتمتاز بعذوبة مياهها جدًا، ومن الواضح أن هذه البحيرة قد ورثت عن البحرِ صفة الجفاف؛ لذلك نراها الآن بين بحيرات تجف وتنكمش حول العالم، وما يؤكد ذلك أن مساحتها تتفاوت ما بين موسم وآخر؛ إذ تصل أقصى مساحة لها في الفترة ما بين نهاياتِ شهر أكتوبر وحتى مطلع نوفمبر، ويكون منسوب المياه في هذه الفترة متجاوزًا لـ 280 متر فوق مستوى سطح البحر بمساحةِ 17800 كيلو متر مربع، ومع إعلان انتهاء شهر أبريل تبدأ المياه بالتراجع تدريجيًا لتجف حتى النصف من منسوبها، ومن أبرز العوامل المؤثرة في ذلك:
- معدل الهطول المطري في غضونِ السنة في تلك الفترة.
- معدل التبخر وتسرب المياه.
- نسبة تصريف المياه من أماكنِ تجمع المياه.
- نسبة تدفق المياه من النهر المغذي لها نهر شاري، كما تستحوذ على بعض المياه من نهر إبيجي.
6- بحيرة أرومية
البحيرة الأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط بأكملها؛ وذلك لامتدادها لمساحةِ 6000 كيلو متر مربع، تتموضع البحيرة في الجهة الشمالية الغربية من جمهورية إيران، وتقع ضمن منطقة ذات ضغط جوي منخفض جدًا في قلبِ منطقة أذربيجان، وجغرافيًا؛ فإنها تشترك بحدودٍ مع تضاريسٍ طبيعية من مختلف الجهات؛ فتحدها من الجنوب الهضاب، بينها تمتد سلاسل الجبال في الجهات الغربية والشمالية، أما من الشرق فتشترك بحدودٍ مع هضابٍ بركانية، وتصنف ضمن بحيرات تجف وتنكمش في العالم.
تشير المعلومات إلى أن بحيرة أرومية بالرغم من تصنيفها ضمن بحيرات تجف؛ إلا أنها قد تمكنت من بلوغ طول يتجاوز 140 كيلو متر وبعرضِ 55 كيلو متر، أما عمق المياه فيها فكان 16 متر في السبعينيات، وبالإضافةِ إلى ما تقدّم؛ فإنها من البحيرات شديدة الملوحة نظرًا لافتقارها للمصارف والمنافذ، وعند مقارنتها مع البحر الميت فإن نسبة مساحتها المالحة تقدر بربع مساحةِ الأخير، وكشفت المعلومات بأنه في فصل الربيع تكون نسبة الملوحة فيها تتراوح ما بين 8-11%، أما في الخريف فترتفع النسبة وتتفاقم ما بين 26-28%.
من المؤسفِ أن مساحة سطح بحيرة أرومية قد تناقص بنحو 90% من أجمالي مساحة السطح التي كانت تستحوذ عليها في سبعينيات القرن المنصرم، أي أنها أصبحت فقط 600 كم²، وقد جاء ذلك على الرغمِ من إيلاء الحكومة الإيرانية لهذه البحيرة الجهود العظيمة للحفاظ عليها وتعزيز الحياة البرية فيها في سنة 1967م.
إقرأ أيضاً: الشفق القطبي وأجمل اللوحات الفنية الطبيعية
7- البحر الميت
يعتبر البحر الميت أخفض بقعة فوق سطح الأرض؛ وذلك إثر انخفاضه بـ400 متر تحت مستوى سطح البحر، وهو عبارة عن بحيرة شديدة الملوحة تشغل موقعًا جغرافيًا بين دولتي فلسطين والأردن في الجهة الجنوبية الغربية من قارةِ آسيا، ويعتبر الشاطئ الشرقي للبحرِ ضمن حدود المملكة الأردنية، أما الشاطئ الغربي فيعود لدولة فلسطين؛ إلا أن الاحتلال الإسرائيلي قد استحوذ على الشطر الشمالي من الساحل الغربي للبحر الميت بعد حرب 1967م، ويعتبر المصب النهائي لنهر الأردن المتدفق بالجهةِ الشمالية بالنسبة للبحيرة.
في مطلع الستينيات لجأت الأردن وإسرائيل إلى جّر كميات من مياه نهر الأردن لاستغلالها في أعمالٍ تجارية وصناعية لصالحِ البلدين؛ فأفضى ذلك إلى تدني منسوب المياه في البحر الميت بشكلٍ ملحوظ في سنة 2010م وجعله يظهر ضمن بحيرات تجف وتنكمش، إذ تراجع المنسوب بنحو مترٍ واحد في كل عام مرّ على عملية جر المياه منه، فترتب على ذلك ازدياد المخاوف والقلق من نضوب مياهه في حال الاستمرار بالأمر على هذا النحو، وقد بدأت الدراسات على الفور في البحثِ عن الطرق المثلى للحفاظ على الثروة المائية في نهر الأردن وإيجاد مصدر بديل عنها، وكانت الحل الوحيد في الوقت الحالي تقليل كمية المياه التي تستخدمها كل من الدولتين حتى لا تزداد نسبة الجفاف أكثر، ونتج عن ذلك:
- البحث عن طرق مستحدثة لاستقطاب كميات من المياه الإضافية إلى البحر الميت.
- إقامة قناة مائية في الجهةِ الشمالية بالنسبةِ للبحر الأحمر.
- إنشاء محطات تحلية ومحطات توليد الكهرباء فوق القناة المنشأة، مما سيعود بالنفع بتوفير كميات وفيرة من المحلول الملحي عن العمليات والأنشطة وإعادتها إلى مياه البحر، إلا أن المخاوف قد بقيت قائمة إزاء التلوث البيئي والأضرار المتربتة عليه نظرًا لاعتبار المياه مستقطبة من مصدرين مختلفين.
المصدر: 7 Lakes That Are Drying Up
شـاهد أيضاً..