كثيرًا ما نلحظ أن ثمة علاقة مشتركة بين الزوج الشكاك والطلاق ينتابها خطورة متفاقمة، نطرح مع حضراتكم هذه المشكلة بعينٍ فاحصة خلال هذا الموضوع.
الزوج الشكاك والطلاق
يقول الحق – سبحانه وتعالى – في سورة الحجرات:
” يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم “.
الشك من أكثر المشكلات التي تبدد الحياة الزوجية، وتحيلها من الهدوء والاستقرار والثقة، إلى الهدم والبغض بل والطلاق في كثيرٍ من الأحيان.
ولا شك أن شعور أحد الزوجين بشك الآخر فيه له من الآثار السلبية ما لا يحمد عقباه، لا سيما في حال كان دونما وجه حق، ففي الغالب ينبع مثل هذا السلوك من شخصية متذبذبة، يعتريها بعض الخلل.
كما قد يكون الزوج في الأصل يقترف ذات الشيء الذي يشك في زوجته حياله، وبالتالي، يظن أن الجميع مثله!
كل هذا من شأنه أن يؤرق العلاقة بين الزوجين، ويفقد الثقة من بينهما، مع توالي الخلل الهدام بين الطرفين.
فالشك ما هو إلا ظن متعمد، بني على باطل، وهو ما نهى عنه الإسلام صراحةً، وما كانت تلك الحياة الزوجية التي أودعها رب العالمين المودة والرحمة لتشوبها أنماط هدامة، لا ينجم عنها إلا كل ما هو سلبي، مع الغياب الأكيد للمصداقية بين الطرفين.
وهو ما يترتب عنه حياة مفككة، مهددة في أية لحظة، تربط ما بين زوج شكاك بلا هوادة، وزوجة قد فاض بها الأمر، وآل إلى رياحٍ تعصف بها في أي لحظةٍ من دونما توقع.
إقرأ أيضًا: مما يبدد الزواج _ تدخل طرف ثالث
الشك في الإسلام
وقد جاء إلى فضيلة الشيخ علي جمعة سؤالًا من زوجة مؤداه أن زوجها يتلصص عليها، ويريد معرفة الرقم السري لفتح هاتفها، ولفتح مواقع التواصل الاجتماعي لها، كما ويهم بفتح المحادثات الخاصة بها، فهل تطلب الطلاق للضرر؟
فما كان من فضيلته إلا أن أجابها أن مثل هذا النوع من الأزواج لديه شك مرضي من أجل إشباع رغبة الفضول، إن لم تكن تصرفات الزوجة غير طبيعية.
مع تصريحه باستنكار مثل هذا السلوك حيال أي من الزوجين، فلكل مساحة تحترم من الخصوصية، ما دام اختيار الشريكين مبني على أسس بناءة، حقًّا الزوج الشكاك والطلاق علاقة مشتركة خطيرة.
فمن يتعقب خصوصيات الغير فهذه قلة حياء، وخصلة ذميمة خارجة عن إطار الأدب، فيجب علينا جميعًا غض أبصارنا عن خصوصيات الغير.
فقد نهانا الله عن التجسس فما هو إلا سلوك مرضي؛ لأن فيه تتبع لعورات وأسرار الآخرين، وهو ما ينافي الأصل في الحياة الزوجية، التي من المفترض بناؤها على الثقة الكبيرة بين الزوجين، الابتعاد عن الشك وسوء الظن، الاحترام المتبادل بين الطرفين.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
” يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته “.
علاج الزوج الشكاك
الحل لتفادي مثل هذه الخصلة الذميمة يكمن في أن تبادري بالإجابة عما إذا كان:
- هذا الشك أمر مستجد على الزوج ( طارئ إزاء موقف معين ).
- أم صفة متأصلة في نفسه من يوم عهدتيه!
ففي حال لم تكن طبيعة الزوج أن يشك في شخصك، وبدا ذلك نتيجة سلوك معين قد بدر منك، فينبغي عليك أن تكوني صادقة مع ذاتك، وتبادري بالنقاش الواضح مع زوجك، والإفصاح عن الدواعي التي صرفتك لسلوك تصرف أدى به إلى الشك فيك، وتسعي جاهدةً لطي هذه الصفحة، وعدم وضع ذاتك ثانيةً في موضع شبهة يقف عائقًا بينك وبين زوجك.
أما في حال كان الشك صفة متأصلة في الزوج منذ الوهلة الأولى، فيتوجب عليك اتباع منهجية بناءة للتخلص التدريجي من ذلك، مع الوضع في الاعتبار أن هذا الشك الذي مارسه بشكل يومي لن ينطوي بين عشيةٍ وضحاها:
- تفهمي مخاوف زوجك.
- ادعميه من دون لوم، وتفهمي دوافعه.
- محاولة الكف عما يدفعه إلى تصويب الشك إليك.
- تكثيف مشاعر الحب والود المفعوم بكونه أول اهتماماتك، ما يشعره بالاطمئنان، كإرسال رسالة بينما هو في دوامه، المبادرة بمحادثته مع إبداء أسمى المشاعر إليه.
- كوني واضحة وصريحة في قولك وفعلك، فالصدق أقصر الطرق للإقناع.
فإن لم تجدِ المحاولات الآنفة، فلا ضرر من استشارة طبيب مختص، أو استشاري علاقات زوجية، المهم أن تكثفي الجهود لتنعما سويًّا بحياة زوجية صحية.
أما إن تطور الأمر للإهانة اللفظية أو الجسدية، من دون أن تجدي المحاولات، فلا بد من تحكيم ثقات ممن يتسمن بالحكمة والإقناع من الأهل، وتصعيد المشكلة؛ للقضاء على جذورها.
وفي بعض الأحيان نجد أنه مع السعي الدؤوب لمحاولات الزوجة التي لا تكل، والضغوطات التي تنتابها، والإحباط المتجلي في كل خطوة تخطوها، دون أن يستجيب الزوج، تقرر الفرار من تلك العلاقة المؤذية نفسيًّا ومعنويًّا.
إقرأ أيضًا: هل زواج المطلقة من رجل متزوج، زواج فاشـل !؟
وصلنا إلى ختام موضوع اليوم الزوج الشكاك والطلاق علاقة مشتركة خطيرة، عسى الله أن يجنبنا وإياكم سيئ الخصال، وينعم علينا بما يلهمنا سكينة الروح وطمأنينة الفؤاد.
شـاهد أيضًا..