بات الأمر ملحًا للتوظيف الواعي لـ: الخلايا الجذعية الفعالة، كنتيجة طبيعية لتفشي الأمراض، ما أدى إلى الصراع بينها، وبين الإنسان، وتسليط الضوء من قبل علماء الطب المتخصصين، على أهمية التطور السريع للعلوم الطبية؛ لكي يجدوا حلًّا لعلاج كثير من الأمراض الخطيرة، حيث أنهم يبحثون عن علاج بديل للأدوية التي لا تجدي مع هذه الأمراض المستعصية، وقد توصلوا بعد بحثٍ عميق، أنه من الممكن لمثل هذه الخلايا، أن تعالج كثيرًا من الأنسجة التالفة، والأمراض المزمنة؛ لأنها خلايا حية، لها قدرة على التجدد، وهذا ما سنناقشه بدقة، في هذا الموضوع.
مفهوم الخلايا الجذعية
تعرف هذه الخلايا بأنها المادة الخام لجسم الكائن الحي؛ لأنها المسئولة عن إنتاج الخلايا الحية الأخرى، التي تقوم بدورها المنشود في الجسم، وتعرف أيضًا بمصطلح ” stem cells” ، إذ أنها خلايا غير متخصصة، لها القدره على خلق الكثير من الخلايا الأكثر تخصصًا؛ لكي تقوم بالمهام الحيوية، التي يحتاجها جسم الإنسان، وذلك ينتج من اتحاد الحيوان المنوي للأب ” sperm” مع البويضه للأم ” ova” فتتكون الخلية الأولى التي تنشطر، وتتمايز تلقائيًا إلى الأنسجة، والأعضاء المختلفه، التي يتكون منها جسم الإنسان.
يحتوى جسم الكائن الحي على أعداد وفيرة من الخلايا الجذعية، تصل إلى ملايين الخلايا، والتي تقوم بوظيفتها فى إحلال، وتجديد بعض الأنسجه التالفة، مثل: الجلد، وخلايا الدم، وغيرها،
ثمة نوع آخر من الخلايا الجذعية التامة، يمكنها التمايز، والتحول إلى جميع أنواع الخلايا في جسم الإنسان، باختلاف موقعها، ووظيفتها، تعرف بالخلايا الجذعية الجنينية، ويطلق عليها هذا المصطلح؛ نظرًا لموقعها الأصيل فى الأجنة، والذي يعد المكان الذي تنشأ فيه مختلف الأنسجة، والأعضاء، كذلك تتواجد خلايا جذعية أكثر تخصصًا، في أجسام البالغين، مثل الخلايا الناشئة منها خلايا الدم، والتي توجد في نخاع العظام، وتشترك في إعادة تكوين ما يتلف من كريات الدم بنوعيها، وكذلك الصفائح الدموية، وهذه الخلايا بعكس الخلايا الجنينية، إذ لا تمتلك القدرة على التمايز إلى كل أنواع الخلايا.
وقد استطاع الباحثون للمرة الأولى في عام 2006، من تنشيط بعض الخلايا التى توجد في البالغين، من خلال تعديل الچينات الخاصه بها؛ بهدف إنتاج خلايا جذعية، ذات قدرة أعلى على التمايز، تشبه الخلايا الجنينية، ثم إعاده تحفيز هذه الخلايا؛ لتصنيع خلايا مختصة، لكن لم تؤتِ العملية ثمارها إلى هذه اللحظة، حيث لم يستطع العلماء تصنيع خلايا، تمتلك قدرات الخلايا الجنينية بهذه التقنية، لكن أبحاث العلماء تشير إلى إمكانية تطوير هذه التقنية، خلال السنوات المقبلة.
الخلايا الجذعية في مجال الطب
في الفترة الأخيرة من القرن العشرين، كثرت الأحاديث في المجالات الطبية، عن أهمية الخلايا الجذعية، وتوجد حاليًا بعض التطبيقات المستخدمة لعلاج الكثير من الأمراض، لكن تبعد عن الأبحاث العلمية، فلإن الاستخدامات المتعددة للخلايا الجذعية، ما زالت محدودة، مقارنة بالكم الهائل من الأبحاث التي تتناول دراستها.
قد يروق إليك:
أسئلة علمية عن جسم الإنسان _ سؤال وجواب
أهم التطبيقات الحية للخلايا الجذعية
ان أهم استخدام للخلايا الجذعية في الوقت الحالي، هو زراعة نخاع العظام، الذي نجح في علاج العديد من الأمراض الخطيرة، مثل: سرطانات الدم، فشل نخاع العظام، وغيرها، بالرغم من أن هذه العملية عالية التكلفة، إذ يعمل الأطباء على تدمير خلايا نخاع العظام الباقية لدى المريض، باستخدام بعض الأدوية الكيماوية، وفي أثناء ذلك لا بد أن يحجز المريض في غرفة شديدة العزل؛ لأنه يكون معرضًا لالتقاط أي ميكروب، قبل أن تتم العملية، وبعد ذلك، يقوم الأطباء بحقن المريض بواسطة الخلايا الجذعية الجديدة، التي تولد خلايا الدم السليمة بمرور أسابيع، بعد تمكنها من نخاع العظام، وعليه يكتمل العلاج، ويجب أن تكون هذه الخلايا من خلايا المريض السليمة، أو من أحد أقربائه المتشابهة مع جيناته؛ لكي لا تحدث خطور على حياة المريض أثناء الزرع.
وثمة جزء آخر أيضًا، يحقق جل الاستفادة من هذه الخلايا، وهو الجلد، فتستخدم الخلايا في الحقن تحت الجلد؛ لكي تنتج مساحات جديدة منه، عند حدوث حروق خطيرة لمساحات كبيرة من الجلد، لا يستطيع الجسم تعويضها من الخلايا السليمة الباقية، وقد تم التوصل إلى دواء إيطالي، يقوم بعلاج أضرار قرنية العين، دون الحاجة إلى إجراء عملية لزرع القرنية، حيث أنه يقوم علي تقنية الخلايا الجذعية.
أبرز تطبيقات المستقبل
على أساس من التطلع المأمول، سيتم إحداث ثورة هائلة في المجال الطبي، من خلال تطبيق أبحاث، ودراسات الخلايا الجذعية التي بصدد الحديث عنها، وذلك ما يأمله العلماء، ولعل أهم هذه التطبيقات تتمثل في زراعة الأعضاء، حيث يحاول العلماء من خلال الدراسات المختلفة، استخدام هذه الخلايا في إنتاج أعضاء كاملة، مثل: القلب، الكلى، وغيرهما، وبالتالي، يمكن إنقاذ ملايين من مرضي الفشل الكلوى.
كما يحاول العلماء تعويض الضرر الحادث في الأعضاء الحيوية، غير القادرة على التجدد، من خلال هذه الخلايا، مثل حدوث تليف في القلب، ناتج عن الإصابة بجلطة في أحد الشرايين، وكذلك ضعف عضلة القلب، كما أن إنتاج أعضاء حيوية كاملة يخدم المجال الطبي في تصنيع الأدوية، والعقارات، حيث يمكن العلماء من استخدام الأدوية التجريبية على هذه الأعضاء، ودراسة تأثيراتها، وكذلك فاعليتها، عوضًا عن التجارب البشرية، وتجنب مخاطرها.
قد يروق إليك:
أنواع الذاكرة لدى العنصر البشري ومدى قابليتها للتطوير
أبرز المعوقات
تواجه الخلايا الجذعية العديد من التحديات، التي جعلت استخداماتها في المجال الطبي محدودًا، منها المشكلة الأخلاقية في استخلاصها من الأجنة البشرية، وكذلك السائل المحيط بها، ما يمثل أحد أسباب معارضة الجهات المسئولة على كثير من تطبيقاتها، ألا وهو الحاجة للتأكد من آثار هذه التطبيقات على المدى الطويل، قبل استخدامها على المرضى، كما أن عملية استخدام هذه الخلايا تعد من العمليات بالغة التعقيد، كما أنها تؤدي إلى بعض الأمراض، التي تختلف من مريض إلى آخر، بالإضافة إلى التكلفة المادية الكبيرة لهذه التقنية.
ويعد استخدام هذه التقنية تحديًا كبيرًا فى الدول النامية؛ نظرًا لحاجتها إلى توفير مراكز البحوث العلمية، والطبية، إذ إن هذه الخلايا، وتطبيقاتها، تعد أحد أهم مجالات البحث العلمي، لكنها بحاجة لكثير من الوقت، والدراسة، للتيقن من فاعليتها في علاج الأمراض، وتأثيراتها على المرضى، والتعامل معها بشكل ملائم لخواصها.
عرضنا في هذا الموضوع أهم النقاط المتعلقة بالخلايا الجذعية، ودورها في تقدم العلوم الطبية؛ لكي نحقق أكبر قدر من الإفاده للجميع.
شـاهد أيضاً..