يعد الجناس في اللغة العربية من أهم المحسنات البديعية اللفظية المستساغة، تعالوا بنا نتعرف على ماهيته، أنواعه، تطبيقاته، خلال ما يلي من سطور.
الجناس في اللغة العربية
- الجناس لغةً: من المحسنات البديعية اللفظية، ويطلق عليه التجنيس، والمراد من الجناس لغةً المشاكلة، أي الإتحاد والإشتراك في الجنس.
- معنى الجناس إصطلاحًا: أما في الإصطلاح، فيعني أن يتشابه لفظان معًا في نطقهما، حتى وإن إختلفا في معنيهما.
فهو فنٌّ أصيل، يوهم بتكرار اللفظ ذاته، إلا أنه يكتشف إختلاف ما يؤول إليه معنى كلٍّ من اللفظين، فاللفظان متشابهان شكلًا، مختلفان معنى.
أنواع الجناس
ينقسم بدوره إلى نوعين أساسيين، ويندرج تحت كل نوع فروع أخرى:
- الجناس التام: وهو إتفاق كلمتين في اللفظ دون المعنى، كأن تكون كل كلمة مساوية لنظيرتها، سواء في عدد الأحرف، الترتيب، النوع، الحركات: من فتح، ضم، كسر.
- الجناس الناقص: وهو الجناس غير التام، أي ذلك الذي يغيب عنه شرط من الشروط الأربعة سابقة الذكر، والتي تتمثل في: العدد، الحركات، النوع، الترتيب، هذا إلى جانب إختلاف المعنى، وفي هذا النوع تفصيل، يتضح كما يرد فيما يلي:
يتنوع الجناس في اللغة العربية من النوع الناقص، أو غير التام، ليشمل ما يلي:
- الجناس المحرف: أحد أنواع الجناس غير التام، ويختص هذا النوع بحدوث خلل، أو تغيير في حركات الأحرف، من ضم، فتح، كسر.
- الجناس المضارع: وهذا النوع دلالة على ما يعتري الأحرف من إختلاف في النوع ذاته، د، ض، على سبيل المثال، لا الحصر.
إقرأ أيضًا: تطور اللغة العربية الفصحى عبر العصور التاريخية
أمثلة على الجناس
بالمثال يتضح المقال، فإليكم بعض الأسئلة التي ترسخ موضوع اليوم في الأذهان:
أمثلة على الجناس التام
- يقول الله – جل علاه – في كتابه العزيز:
” ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون “.
ومن هذا المثال، يتضح لنا تكرار كلمة ساعة، بنفس كل شيء في اللفظين، دونما تغيير، أما الموضع الأول، فكلمة ساعة تدل على يوم القيامة، أما كلمة ساعة الأخرى، فتعني الفترة الزمنية.
- قول الشاعر:
فدارهم ما دمت في دارهم .. وأرضهم ما دمت في أرضهم.
لم يقتصر الجناس في هذا البيت على موضعٍ واحد فحسب، بل إنما إشتمل على موضعين إثنين، أحدهما في الشطر الأول، والآخر في الشطر الآخر.
أما الموضع الأول، فهو كلمة دارهم، فالكلمة الأولى تعني المسايرة، أما الكلمة الأخرى فتعني البيت.
أما الموضع الآخر، وهو كلمة أرضهم، فالكلمة الأولى تعني الرضا، أما الكلمة الأخرى فتعني مكان أرضهم، أو إقامتهم.
- يقول أبو تمام:
إذا الخيل جابت فسطل الحرب .. صدعوا صدور العوالي في صدور الكتائب.
تكررت كلمة صدور، إحداهما مع كلمة العوالي، والأخرى مع كلمة الكتائب، أما الأولى، فتعني بداية الرماح ومقدمتها، وأما الأخرى فتعني صدور أفراد الجيش.
أمثلة على الجناس الناقص
- يقول المولى – تبارك وتعالى -:
” وجوهٌ يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة “.
فكلمتا ناضرة، وناظرة بينهما جناس ناقص، جاء الإختلاف فيه في نوع الأحرف، ففي الكلمة الأولى ثمة حرف الضاد، وفي الكلمة الأخرى ثمة حرف ظاء يقابلها.
- قول الله – سبحانه وتعالى -:
” ويل لكل همزة لمزة “.
وهنا الإختلاف إلى جانب المعنى في إختلاف حرفي الهاء واللام.
- قول الشاعر حسان بن ثابت:
وكنا متى يغز النبي قبيلةً .. نصل حافتيه بالقنا والقنابل.
وفي هذا البيت فالإختلاف إلى جانب المعنى، يرجع إلى إختلاف العدد في الكلمتين.
إقرأ أيضًا: الأدوات المركبة في العربية الفصحى
الجناس المطلق
يتبع بـالجناس في اللغة العربية ملحقات، تشبهه، وتلحق به، ما أطلق عليه تسمية الجناس المطلق، وينقسم هذا النوع بدوره إلى نوعين رئيسين، يتمثلان فيما يلي:
- المتلاقيان في الإشتقاق: حيث يتفق لفظان اثنان في الإشتقاق، كما في قول الله – تبارك وتعالى -:
” فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يومٌ لا مرد له من الله يومئذٍ يصدعون “.
حيث أن كلمة أقم في أصلها مشتقة هي وكلمة القيم من نفس المادة اللغوية، حيث تلاقت الكلمتان في الإشتقاق، وبالتالي، فهو ملحق بالجناس. - المتلاقيان فيما يشبه الاشتقاق: وهو عبارة عن الجمع بشبه الإشتقاق للفظين إثنين، كما في قول الله
– سبحانه وتعالى –: ” قال إني لعملكم من القالين “.
فالفعل قال مشتقة هنا من لفظ القول، أما كلمة القالين، فهي جمع كلمة القالي، ويعني الهاجر والمبغض، من قَلَى قِلَى، ولا إشتقاق متفق بين اللفظين، وإنما هو شبيه الإشتقاق، حيث إشتركت كل من الكلمتين في ثلاثة أحرف أساسية، وهي: القاف، الألف، اللام، ولكن اللفظين مشتقان من مادتين مختلفتين في المعجم.
إقرأ أيضًا: فنون اللغة العربية تعرف عليها بالتفصيل
إلى هنا، نكون قد تعرفنا على الجناس في اللغة العربية بشيءٍ من التفصيل، ماهيته، أنواعه، تطبيقاته، كما تطرقنا إلى الملحق بالجناس، وتعرفنا على أمثلة وافية لكل نوع ورد خلال ما سبق من سطور، عسى أن تعم الفائدة.