يسعى الإنسان دائمًا إلى التطوير من نفسه لمواكبة التطور السريع الذي يحدث من حوله، ويلجأ إلى العديد من الأساليب التي تساعده في هذا التطور، ومن ضمن هذه الأساليب هو التعليم الذاتي، الذي يعتمد عليه الكثيرين لتحسين أوضاعهم المادية أو لتغيير مجالات عملهم.
المقصود بعملية التعليم الذاتي
هي عملية التعلم التي تساعد الفرد على إكتساب المزيد من القدرات والمهارات بشكل ذاتي ومستقل عن المؤسسات التربوية والأكاديمية المختلفة، ويعتمد النجاح في تلك العملية على رغبة المتعلم وإصراره للوصول لهدفه.
مهارات المتعلم ذاتيًا:
يجب أن تتوافر في الشخص المتعلم مجموعة من المهارات اللازمة لإتمام عملية التعلم بنجاح، نذكر منها:
- القدرة على التخطيط الجيد ووضع الأهداف.
- حسن إدارة الوقت.
- حب القراءة والإطلاع المستمر على كل ما هو جديد.
- القدرة على التكيف مع المتغيرات التي يمكن أن تحدث.
- العزيمة والإصرار للوصول إلى ما يطمح إليه.
إقرأ أيضًا: أهم 4 مواقع تساعدك في الحصول على منح دراسية مجانية
مزايا التعليم الذاتي
- المرونة أثناء عملية التعليم: يمكن للمتعلم ذاتيًا أن يختار الوقت والمكان المناسبين له للمذاكرة، مما يسهل عليه عملية التعلم ولا يجعلها عبئًا عليه، كما يمكنه إختيار وسيلة التعليم المناسبة له سواء كانت منصات تعليم إلكترونية، أو كتب، أو مراكز تعليم أو أي وسيلة تعليم أخرى تناسبه.
- زيادة الثقة بالنفس: فالمتعلم ذاتيًا يكون هو المتحكم في عملية التعليم، ويوجهها كيفما يشاء وفقًا لظروفه وإحتياجاته، وبالتالي تزداد ثقته بنفسه كلما نجح في إدارة تلك العملية وتمكن من تعلم شيئًا جديد.
- توسيع مدارك المتعلم: كثيرًا ما تواجه المتعلم عقبات ومواضيع غير مفهومة، فيحتاج إلى توضيحها ليتمكن من فهمها، وبما أنه لا يوجد معلم شخصي له، فيضطر أن يلجأ إلى فهم هذه الجزئيات بنفسه، من خلال البحث والقراءة، مما ينعكس على إتساع مداركه بسبب مروره على مواضيع لا تمت بصلة لما يدرسه ولكنها تزيد من ثقافته.
- إكتساب مهارات جديدة: يساعد التعلم الذاتي على إكتساب وتطوير مهارات متعددة مثل مهارة البحث، تقييم الذات، إدارة الوقت ووضع الأهداف وغيرها من المهارات التي يكتسبها المتعلم ذاتياً، فمثلًا تتطور مهارة البحث لدى المتعلم ذاتيًا إذا كانت لديه بالفعل أو يكتسبها إذا لم يكن يملكها، بسبب بحثه عن شرح جزء ما أو محاولته لحل المشكلات التي تواجهه، بينما مهارة تقييم الذات تتطور عندما يقيم المتعلم ذاته ويقارن بين بداية تعلمه وبين ما وصل إليه وقت التقييم، ومهارة إدارة الوقت تتطور عندما يتمكن المتعلم من إدارته وقته بشكل جيد، ويوفق بين مسؤولياته الأساسية كوظيفته أو دراسته الأكاديمية مثلًا وبين ما يتعلمه ذاتيًا أو توفق الأم بين دورها كأم وربة منزل وبين تعليمها الذاتي، أما مهارة وضع الأهداف فيتم إكتسابها وتطويرها كلما وضع المتعلم هدفًا ونجح في الوصول إليه أو عجز عن الوصول إليه، ففي كلا الحالتين المتعلم مستفيد، فإن نجح فيما خطط له تزداد ثقته بنفسه وتعطيه دافع للإستمرار، وإن فشل في الوصول لهدفه يكتشف خطأه ويعدله في الأهداف القادمة.
- خلوه من الضغط والتوتر: تختلف عملية التعليم الذاتي عن طرق التعليم المعتادة في العديد من الجوانب، وأهمها هو خلوه من الضغط والتوتر الذي تسببه أساليب التعليم الأخرى، فالمتعلم هو الماسك بزمام كافة الأمور، من حيث إختيار المواد التي يقوم بدراستها وفقًا لميوله وإحتياجاته، وإختيار المكان والوقت المناسبين له، وإمكانية وقف عملية التعلم لوقت معين والرجوع إليها في وقت آخر.
- إمكانية تحقيق أهداف وأحلام الماضي: قد يكون الفرد لم يتمكن من تحقيق أحد أحلامه في الماضي بدراسة مجال بعينه، والتعليم الذاتي قد يتيح للمتعلم أن يحقق حلمه بدراسة هذا المجال بعيدًا عن التعليم الأكاديمي.
- تغيير الواقع: فعندما يصل المتعلم لهدفه من التعلم يمكنه أن يبحث عن فرصة عمل أخرى تناسب مجال دراسته الجديدة، ومن ثم يتغير واقعه بالعمل في مجال يحبه، أو يمكنه الإستمرار في عمله الحالي بالإضافة لبحثه عن عمل إضافي مناسب لمجال دراسته مما يزيد من دخله.
- مناسب لكل أفراد المجتمع: من أهم مميزات التعليم الذاتي هو مناسبته لكل أفراد المجتمع بمختلف طبقاتهم، فلا يقتصر على فئة معينة أو سن محدد، فكل من يرغب في التعليم الذاتي يمكنه أن يبدأ فيه وفقًا لإحتياجاته وميوله.
- التحكم فيما يتم تعلمه وفقًا لقدرات كل متعلم: يمكن لكل متعلم أن يتحكم في مقدار ما يتعلمه وفقًا لقدرته الإستيعابية، بعكس التعليم الأكاديمي الذي لا يفرق بين قدرات المتعلمين المتفاوتة.
كيفية التعليم الذاتي
- تحديد مجال الدراسة: يجب على الفرد أن يحدد المجال الذي يرغب بدراسته، ويتم التحديد وفقاً للميول الشخصية أو لإحتياجات سوق العمل.
- التحفيز: يعد التحفيز هو الدافع الرئيسي لإنجاز مهمة التعليم الذاتي بنجاح، وقد يكون هذا التحفيز متمثل في الحصول على فرصة عمل أفضل، وإذا كانت عملية التعليم مرتبطة بتعلم لغة جديدة فقد يكون التحفيز هو السفر للخارج أو متابعة الأولاد بشكل أفضل أثناء مذاكرتهم.
- وضع خطة: يجب على المتعلم أن يضع خطة للدراسة محددة بالوقت والهدف الذي ينبغي الوصول إليه، ويجب أن يكون الهدف صغيرًا ووقت الوصول إليه قريب حتى لا يمل المتعلم ويشعر بقيمة ما يقوم به، وإذا كان الهدف كبيرُا وقد يستغرق وقتُا طويلُا يصل لشهور أو سنوات للوصول إليه، يجب أن يقسم إلى أهداف صغيرة.
- الإلتزام بالخطة الموضوعة: وضع خطة للدراسة هو أسهل ما يمكن، ولكن الإلتزام بها صعب للغاية، فيلزم أن يكون المتعلم حازم مع نفسه وواضع لأهدافه نصب عينيه حتى يلتزم بما وضعه من خطة، وينجح في الوصول لما يطمح إليه من هذه العملية.
- قياس النجاح: يعد قياس النجاح من أكثر العوامل فعالية، فعندما يختبر الإنسان نفسه فيما وصل إليه، ويجد أنه أبرز تقدمًا ملحوظًا في أدائه، فإنه يؤدي مباشرة إلى زيادة حماسته ورغبته في إستكمال عملية التعلم للوصول لهدفه.
- عدم الخوف من إرتكاب الأخطاء: من المتوقع أن يخفق الإنسان أثناء سعيه لتعلم شيء جديد، فلا يجب الخوف من ذلك، ويجب التنويه أن هذا الإخفاق لا يعد فشلًا، بل هو أساس قوي للنجاح القادم، ولكن الفشل الحقيقي هو الإستسلام وعدم الإستمرار في طريق التعلم.
- إستخدام محركات البحث الخاصة بالمتعلمين: من مزايا الإنترنت هو إمكانية إيجاد أي معلومة عليه، ولكن من عيوبه أن هذه المعلومات قد تكون مضللة وغير موثوقة، لذا يفضل أن يستخدم المتعلم ذاتيًا محركات البحث الخاصة بالمتعلمين مثل google scholar التي تتيح الوصول إلى معلومات موثوقة ومؤكدة.
- ممارسة ما تم تعلمه: يجب على المتعلم أن يمارس ما تم تعلمه حتى لا يُنسى، فإن كان هدفه هو تعلم لغة جديدة فعليه أن يمارس ما تم إنجازه وتعلمه من تلك اللغة حتى تثبت المعلومات ويتمكن من إستكمال ما بقي منها، كما يمكنه مشاركة ما تم تعلمه مع الآخرين لتأكيد المعلومات وزيادة ثباتها.
- الثقة بالنفس: وهو أهم عامل من عوامل التعلم الذاتي، فيجب على المتعلم أن يكون واثقًا من قدرته على التعلم بمفرده والوصول للهدف الذي يرغب في الوصول إليه.
- الإستغلال الجيد للموارد المتاحة: على المتعلم ذاتيًا أن يستغل كل الموارد المتاحة له والظروف المحيطة به للوصول لتحقيق هدفه.
- مكافآة المتعلم لنفسه: يمكن للمتعلم أن يكافئ نفسه كلما وصل لهدف من الأهداف التي حددها مسبقًا لخلق دافع قوي له لإنجاز المهام المطلوبة منه، مثل أن يشتري شيئًا كان يتمنى شرائه، أو يذهب لمكان ما أو أي شيء يشكل حافزًا لإتمام الخطة الموضوعة من جانبه.
أهمية التعليم الذاتي
- رفع كفاءة الأفراد.
- القدرة على مواجهة المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها.
- إتقان مهارات التكنولوجيا الحديثة.
- تحفيز الفرد على تحمل المسؤولية بمفرده.
- الإستفادة من خبرات وتجارب الآخرين.
- متابعة المتعلم لنفسه لما أحرزه من تقدم.
- زيادة كفاءة الفرد وقدرته على التكيف مع المتغيرات، وزيادة قدرته على التخطيط المستقبلي.
- إتاحة الفرصة للمتعلم أن يكتشف مواهبه والمجالات التي يفضلها.
إقرأ أيضًا: 55 من أقوى عبارات تحفيزية للدراسة الآن
وفي الختام فإن التعليم الذاتي هو الشرارة لبدء حياة مهنية عظيمة، فلا تتردد في خوض تلك التجربة الفريدة الممتعة والمثمرة.
شـاهد أيضًا..