إنه لجدير بالاهتمام أن نعرف مدى أهمية دراسة الأدوات المركبة في العربية الفصحى، فإنها تتطلب دراسات كثيرة؛ لكي نستطيع فهمها، والتعرف عليها، إذ يستمر تراثنا العربي عامة، وفرع النحو خاصة، بتزويدنا بأهم القواعد الممتعة، والمثيرة إلى العقل حقًّا.
مفهوم الأدوات المركبة في العربية الفصحى
فضل العرب القدامى الأعلام من المركبات بصفة خاصة، والأسماء بصفة عامة، وأضافوا إليهما الكثير من أنواع الكلام، إذ سلطوا الضوء في مثل هذه الدراسات على الإعراب، والدلالة، ولكن لم يتمكنوا من ضبط القواعد في التركيب على أكمل وجه، لما يلي من أسباب:
- نتيجة تقارب الكثير من الوحدات اللغوية، إذ أثار ذلك اللغويين، من خلال إحداث تغيرات في الصوت، والصرف، والتركيب، والدلالة، وتناول القدامى هذه الظاهرة، فتوصلوا إلى ظواهر تركيبية، ولكن ذلك لم ينتج عنه رؤية واضحة المعالم في حالات إدراج “ما ” الملحقة.
- أوضح الجرحاني أن: ” المركب ما أريد ببضع لفظه؛ ليدل على جزء من معناه، وهو خمسة: مركب إسنادى ( قام زيد ) مركب مزجي ( بعلبك ) مركب عددي ( خمسة عشر ) مركب تام، وهو الذي لا يحتاج إلى لفظة أخرى ليدل على معناه، مركب غير تام، وهو الذي لا يصح السكوت عليه.
- ذكر النحويون ظهور وحدات جديدة، لكن لم يتوصلوا إلى قانون محكم لهذه القاعدة، ونجد في أبحاث القدامى عن الأدوات النحوية التركيبية، أن الاسلوب الذي اعتمده ابن جني في تحديد ( لولا ) واضح، مما يمكنك من فهم المركب الجديد.
- إذ قام بتفسير ( لولا ) موضحًا أن اللفظين إذا أضيفا إلى بعضهما البعض، ينتج لهما معنى جديد، حيث ( لولا ) تتكون من لو ولا، ولو تعنى امتناع شيء لامتناع غيره، أما لا تكون للنفي، أو النهي، وعند مزجهما نتج معنى جديد، وهو عدم حدوث الشيء لوقوع غيره.
- إضافة ما الكافة مع الباء يعطي معنى التقليل، وعند إضافتها مع الكاف تعطى معنى التعليل، مثل قوله – تعالى -: ” واذكروه كما هداكم ” حيث أن الباء والكاف للتعليل، وما مصدرية، وذكر أن كلًّا من الكاف والباء للتعليل، مع عدم ما، مثل” ويكأنه لا يفلح الكافرون “.
من الأدوات المركبة في اللغة العربية
في هذا الجزء نعرض بعضًا من الأدوات المركبة في العربية الفصحى دعونا نرى:
بينما:
عباره عن مركب من ( بين ) و ( ما ) ويعتبر مستقل، جاء لكي يدل على ترابط حدثين، تأتي بينما في بداية الجمله عامة، وتأتي بعد الاسم، والفعل، وتختلف في المعنى عن بين، حيث ذكر المنجد العلاقة بينهم على أن ( بين ) تعرف بأنها ظرف بمعنى وسط، مثل بينا نحن نضرب: تعني بين أوقات الضرب، فيكون الألف عوضًا عن كلمة محذوفة وهى أوقات.
عندما:
عبارة عن مركب من ( عند ) و ( ما ) ويعد مستقلًا، جاء ليدل على وجود علاقة سببية، وقد بدأت تنتشر بعض العبارات التي تعبر عن الإثارة، باستخدام هذا المركب، لم يشير له المنجد في معجمه، ولا سيبويه في كتابه، إذ بدأ يستعمل في عناوين الأفلام، والكتب، وغيرها، وهو بمعنى ” حينما “، و” لمَّا ” أيضًا، مثال على ذلك ( عندما يبكي الرجل ).
حينما:
مركب من اتحاد الظرف ( حين ) و ( ما ) يكون متأخر الظهور، حيث استخدمه ابن منظور مرة واحدة، قائلًا ( ولم يرد وبد متعديًّا إلا بعلى حينما يكون بمعنى غضب ) ولم يأتي ذكره لا في الوسيط، ولا معجم النحو، لكن ذكره المعجم الوافي على اعتبار أن ما زائدة، يأتي المركب غالبًا بمعنى ” عندما ” و ” لما “.
بعدما:
تركيب لفظي، يأتي في سياق الحديث لـ ( بعد ) نتيجة دخوله على الفعل، تدخل بعدما على الفعل بكثرة في اللغة العربية، كما تعد (ما) مصدرية في الشواهد، ففي قوله – تبارك وتعالى:- ( وانتصروا من بعد ما ظلموا ) أن ما عقب ( بعد ) مصدرية، وتكون كذلك عند استخدامها قبل الفعل، أما عند الاستخدام قبل الاسم تعد كافة.
تابع الأدوات المركبة في العربية الفصحى..
مثلما:
مركب ناتج عن اتحاد ( مثل ) و ( ما )، يستخدم كظرف مع الأفعال، ويكون مرادفًا لـ كما، وكيفما، غير موجود في دراسات القدامى رغم تداوله على ألسنة العرب، إذ قال الأعشى ” فترى القوم نشاوي كلهم .. مثلما مدت بصاحات الربح ” ، وقد يرجع ذلك إلى اعتبار ما المكملة لـ مثل موصولة.
دونما:
مركب مستقل، يتكون من ( دون )، و (ما )، للدلالة على انعدام الشيء، وغيابه، يقول نزار قباني:
” مواطنون دونما وطن ..
مسافرون دون أوراق ..
وموتى دونما كفن .. “.
ريثما:
ظرف مكون من ( ريث ) و ( ما ) إذ تحولت ريث من مصدريتها، التي تعني ” المقدار ” والغالب أن ريث تدخل على الفعل المضارع، وريثما تدخل على الفعل الماضي، ولعل هذا المركب مشاهً إلى قدر أو قدر ما، مع الوضع في الاعتبار أن ما هنا زائدة، وليست ما بمعنى الاسم الموصول.
قد يروق إليك:
مُقترحات للحفاظ على اللغة العربية في الوقت الحالي
يتراءى إلينا لنا من خلال هذا الموضوع أن علماء العرب قد شرحوا التركيب في دراستهم منذ القدم، وفصلوا القول في بعض الأنواع، وسلطوا الضوء على أنواع أخرى، كما اعتادوا على استخدام بعض منها، دون إشارة صريحة إليه.
شـاهد أيضاً..