مع تطور الحياة بشكل عام والبيئة الاقتصادية بشكل خاص أصبح من المهم جدًا أن يكون موظِّفك يدفع لك قيمة من المال تناسب الخدمات التي تقدمها لعمله، وسواء كان هذا يحدث أو لا إلا أن طلب زيادة في مرتبك عادة ما يكون أمر غير محبب لأصحاب العمل، وغالبًا ما يقابلونه بتوتر وعصبية.
إلا أن طلبك لما تعلم أنك فعلًا تستحقه يعد احترامًا كبيرًا لذاتك ولعملك. عند طلبك للزيادة المادية أو حتى المعنوية يجب عليك أن تتعامل وتأخذ الموقف بهدوء تام ويجب أن تكون حجتك أيضًا قوية، كذلك يجب أن تتصرف وتتحدث بإيجابية واحترام، في هذه الحالة وحتى إن لم تنجح في نيل مرادك، فستكون قد كسبت الاحترام المتبادل.
الأمر يتطلب شجاعة وبأس لتطلب ما تريده، خاصة في وجود احتمالية لرفض طلبك، هناك بعض النصائح والطرق السهلة لإجابة سؤال “كيف أفعلها” وهي ما سنعرضها عليكم في هذا المقال.
بجانب الكيفية، سنعرض عليكم نصائح عامة ضمنية لكيفية تحقيق أفضل شكل ممكن لوضعك والوظيفي وعلاقاتك في مكان عملك. والنجاح في هذه المنطقة معتمد بشكل أساسي على تخطيتك وتحضيرك لكل شيء ولكل خطوة، لا يجب عليك أبدًا التحرك بملابس نصف مبتلة، فقط تمهل واصبر ريثما تصل إلى أفضل حالاتك، حيث أن تكرر فشلك في أمر ما قد يجعلك ملولًا من المحاولة ثانيةً، فلما لا تنجح من أول مرة؟
1 – التخطيط والبحث
قبل حتى أن تفتح فمك وتطلب من مديرك زيادة في الراتب قم بعمل بحث وكذلك قم بإعداد استراتيجية لكيفية فعلك ذلك، وتذكر أنك وأثناء تفاوضك حول راتبك الجديد فأنت تضع راتبك الحالي تحت المنظار ولهذا عليك وكما ذكرنا أعلاه أن تستند على حجة قوية، وهي التي ستكونها بإعداد استراتيجية وبحث حول عدة عوامل، وهي:
- ما هو الراتب الذي يتقاضاه الموظفين الذين يشغلون نفس وظيفتك في شركتك؟ وما هو في الشركات الأخرى؟ وهل نفس المطلوب منك مطلوب منهم؟ وهل خبرتك مساوية لهم أم أعلى؟
- ما هي سياسة مديرك في زيادة الرواتب؟ هل هناك ما تم الاتفاق عليه في العقد؟ هل تم تحديد نسبة معينة للزيادة سنويًا؟ إن كانت هناك فلا تقم بالتفاوض حول أي زيادة إلا في معادها أو في حالة أن الزيادة السابقة لم تعطى لك، أما في حالة عدم وجود زيادة دورية، فتابع تقدمك..
- قم بتحديد موعد للمقابلة والمناقشة، فلا يوجد أي مدير يحب تلك المقابلات الارتجالية الغير مرتب لها، هذه نقطة يجب أن تنتبه إليها حتى لا تضعف موقفك.
- بينك وبين نفسك، هل أنت حقًا تستحق تلك الزيادة؟ لعله من الأفضل أن تعمل على نفسك أكثر وتجتهد في عملك أكثر لتبهر رب عملك بدلًا من أن تذهب طالبًا ما لا تستحقه -أو على الأقل ما يظن المدي أنك لا تستحقه- تذكر أن كل تصرف سيكون محسوب عليك.
اقرأ أيضًا: طرق سريعة وفعّالة لرفع إنتاجيتك في العمل
2 – أنظر أبعد
بعد قيامك ببحثك ستكون شبه متأكدًا من مستحقاتك لقاء ما تقدمه للشركة وستكون قادر على تحديدها، والمطلوب منك هنا أن تزيدها قليلًا، حيث أن معظم أصحاب العمل سيحاولون التفاوض على القيمة التي تطلبها وسيحاولون تقليلها وهذا بكل تأكيد إن كانت الزيادة ليست نسبة ثابتة.
والمقصود هنا أنك وإن قدرت مستحقاتك بألف دولار فعليك أن تطلب ألف ومائة، وعلى هذا الحال إن تفاوض معك المدير -أو مدير الموارد البشرية- حول الراتب وخفضه لك، فلن تبتعد كثيرًا عن الألف دولار، وإن لم يفعل فستكسب مائة دولار إضافية!
بحثك الذي قمت بإعداده حول باقي موظفين الشركة والذين يشغلون نفس وظيفتك سيعلّمك الكثير عن مرتباتهم وواجباتهم وكذلك خبراتهم، وبناءًا عليه أنت تعلم ما تستحق، لكن بكل تأكيد ستجد من يتقاضى أموالًا أقل من تلك التي تتقاضاها أنت، وهناك أيضًا من يتقاضى أكثر منك، المطلوب منك هو أن تجعل من نفسك جذابًا أكثر، مجتهدًا أكثر وتعمل أكثر قبل أن تطلب زيادتك، لأن هذا العامل قد يجعل المدير ينظر من جهة أخرى ويرى أنك تستحق فعلًا.
دائمًا ما يكون أول رقم قد قيل ليس الرقم الذي ستحصل عليه، وهذا هو المعتاد والطبيعي فيما يخص أمور التفاوض ككل، لكن الحالة الوحيدة التي تجعلك تحصل على الرقم الذي تريده أيًا كانت التفاوضات هو التخطيط المسبق، كررنا هذه النقطة كثيرًا أليس كذلك؟ نظرًا لأهميتها القصوى.
بفهمك الراسخ لما تستحق بشكل واقعي نظرًا لما تقدمه للشركة يمكنك أن تحفر طريقك تجاه الزيادة المطلوبة بنجاح، لكن، إن كنت مجرد موظف متوسط أو لا تشكل أهمية للشركة فأنت بهذا تبيع نفسك مقابل شيء لن تمتلكه، اكتشف وحدد قيمة نفسك جيدًا دون تحيزات، وتأكد من ملائمة الراتب الكبير الذي تريده لما تقدمه للشركة، إن لم تكن متأكدًا من كل هذا فأجل أمر الزيادة قليلًا، وحاول أن ترتقي بنفسك وأن تجعل لنفسك أهمية كبيرة وهذا يحدث بالتعلّم والعمل.
3 – كن محددًا
في النقاط السابقة لم نكن قد تحركنا، نحن فقط حضّرنا وخططنا لما نريد، الآن أنت واثق مما تريد وعلى درجة كافية من الشجاعة لتطلب ما تستحق وحان وقت ترتيبك لموعد مع المدير، أثناء هذا الموعد عليك أن تكون محددًا، تعلم ما تريد جيدًا، أيضًا عليك أن تحدد كافة النقاط التي حددتها أثناء بحثك وتلقيها على المدير أثناء المقابلة وهذا سيجعل المدير يشعر أنك بذلت قدرًا من الجهد قبل المقابلة مما سيجعله يهتم أكثر.
أثناء جلوسك أمام مديرك لا تستعن بأي زميل أو صديق لك في المقابلة لينصفك أو يقوي من موقفك، أنت كاف جدًا، كما عليك أن تتجنب كلمات مثل “أنا أستحق” أو ما شابهها، أظهر الهدوء والاحترام ولا تضع نفسك في مفاوضة من نوع “إما أن تنفذ طلباتي أو أرحل” وبجانب هذا كله، حافظ على إيجابية المحادثة وأهدافها الأساسية.
اقرأ أيضًا: لماذا من المهم البحث عن وظيفة, حتى وإن كان لديك واحدة!
4 – الاقتراح الإيجابي
في المقابلة، أظهر نفسك في صورة الموظف الذي يستمتع بعمله في هذه الشركة، أظهر أسباب استحقاقك لهذا الزيادة وكذلك اعرض على المدير انجازاتك في الشركة خاصة تلك التي كانت من وقت قريب، وهذه الأمور يجب أن تكون قد أعددتها مسبقًا، لا أنصحك أبدًا بالارتجال وأثناء هذا الاعداد المسبق عليك أن تكون قد سألت نفسك بعض الأسئلة:
- هل قمت بتخطي المتطلبات الأساسية التي طلبت منك أثناء توظيفك في البداية؟ هل تطورت؟
- هل قمت بمبادرة ما أفادت الشركة والعمل بشكل عام؟ وإن كانت الإجابة نعم، ما هي فوائد تلك المبادرة؟
- ما المشاريع التي قمت بقبولها وأثقلت عليك مهام عملك؟ وهل أنهيتها؟
- هل أنت جيد في العمل الجماعي؟ وهل قمت بإنقاذ أحد زملائك من قبل ومنعت مشكلة من أن تحدث؟
لا تكن خجولًا أثناء عرض انجازاتك أو الاستماع لأحد يحصيها، هذا ليس الوقت المناسب للتحفظ التام في الكلام، هذه فرصة لتظهر نفسك لامعًا أمام مديرك خاصة وإن كنت من هؤلاء الموظفين الذين يعملون بالصمت ولا يتحدثون عن أنفسهم كثيرًا، أيضًا سيكون من المفضل أن تحضر معك أية وثائق أو أوراق تثبت مساهماتك تلك وبالطبع لا يجب عليك أن تدخل مكتب مديرك وهي معلقة على صدرك! فقط استخدمها في حالة الحاجة إليها وهذه الأوراق يمكن أن تكون رسوم بيانية، احصائيات، أو أية اثباتات لحسن عملك.
ولعل أهم نقطة هنا هي ألا توجه إنذارات لمديرك بأي صورة أو كما قلنا من قبل، لا تجعل المفاوضة تحتمل فقط أن تحصل على الزيادة أو ترحل، لأن الأمر ببساطة سيؤول إلى رحيلك، في أسوأ الحالات سيطردك المدير، وفي أفضل الحالات سيعاملك المدير معاملة كريهة، سواء اثناء الاجتماع أو بعده، لهذا إبعتد تماماً عن هذا الخطأ.
5 – استعد لإعادة التفاوض
ربما يلاقى للزيادة بكلمة “لا”، هذا لا يعني أن الأمر مرفوض للأبد، لكنه مرفوض الآن، لكن ربما عليك أن تقترح على المدير أن تكرر تلك الزيارة بعد فترة، وعادة ما تتكون تلك الفترة من ثلاث أشهر إلى ستة أشهر، وحينها عليك أن تعلم أنك على وشك الانخراط في حرب لهذه الفترة، عليك أن تجتهد في عملك كما لم تفعل من قبل، تطوّر من نفسك كثيرًا ولا تتأخر أو تضع أي نقاط سوداء في ملفك، وحينها ستكون النتيجة مختلفة في المرة القادمة، لا تعطي فرصة لأحد لكي يمنعك مما تستحق وأيضًا لا تفقد وظيفتك!
6 – تجنب الاصطدام بالحائط
إن كنت غير مؤهل لطلب الزيادة فهي لفكرة جيدة أن تؤجل تلك الفكرة، حيث أن المدير إن كان غير راض عنك أو عن عملك لأي سبب سيجد طلبك للزيادة فرصة رائعة -أو عذر رائع- ليتخلص منك ويوظّف أحد ما مكانك، من ناحية أخرى عليك أن تحول رغبتك في راتب أكبر إلى طاقة تجعلك تعمل أكثر وأفضل لتحصل عليه.
أيضًا عليك أن تحسن التواصل مع مديرك وتتصيّد أي فرصة مناسبة لكي تسأله إن كان هناك أية نصائح أو تعليمات يمكنه أن يوجهها لك لكي تحسّن من عملك وتزيد من نجاح الشركة، ركّز على جعل نفسك مستحق للزيادة التي تريدها، حينها فقط سوف تحصل عليها. وفي حالة عدم حصولك على الزيادة أثناء المقابلة فأنت قد نجحت في أن تحصل على معلومات تفيدك في مجال عملك -من خلال الاعداد الذي قمت به- وأيضًا مديرك سيحترمك وسيقدر إحترافيتك وإيجابيتك التي من المفترض أنك قد اظهرتها خلال المقابلة وسيحترم أنك تدافع عن حقوق. قدراتك على المفاوضة في مجالات العمل من أهم المهارات التي قطعًا ستفيدك في طريقك نحو الحصول على وظيفة أحلامك وكذلك راتب أحلامك.
شــاهد أيضاً